حاوره / عماد حيدرة
د.مروان هائل: الشراكة بين المؤسسات والمجتمع المدني والإعلام مفتاح نجاح التوعية القانونية
د.مروان هائل: لجنة التوعية بسيادة القانون تعمل على بناء مجتمع أكثر وعيًا
سيادة القانون تُعدُّ حجر الأساس في بناء المجتمعات العادلة، حيث تعني خضوع الجميع للقوانين دون استثناء، مما يضمن العدالة والمساواة بين الأفراد، نشأ هذا المبدأ منذ العصور الوسطى وتطور عبر الزمن ليصبح عنصرًا أساسيًا في النظم القانونية الحديثة، كما أكدت عليه المواثيق الدولية، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ويؤكد دكتور مروان هائل، مستشار وزير العدل، عضو لجنة التوعية بسيادة القانون، أن تحقيق العدالة والتنمية المستدامة لا يمكن أن يتم دون ترسيخ مبدأ سيادة القانون في المجتمع، ومن خلال نشر الوعي القانوني وتعزيز ثقافة الالتزام بالقوانين، يمكن الحد من الظواهر السلبية وتحقيق بيئة آمنة ومستقرة.
وفي هذا الحوار، يتحدث مستشار وزير العدل عن أهمية سيادة القانون، ودور اللجنة في التوعية القانونية، والإنجازات التي تحققت والتحديات التي واجهتهم.. فإلى نص الحوار
ـ بدايةً، كيف يمكننا تعريف مفهوم سيادة القانون؟
أولًا أود أن أعبر عن خالص شكري وأمتناني لكم على هذا اللقاء الصحفي حول موضوع التوعية بسيادة القانون، الذي يُعدُّ من الركائز الأساسية لبناء المجتمعات العادلة، والحديث عن سيادة القانون يعكس التزامنا الجماعي نحو تعزيز حقوق الأفراد وحماية حرياتهم، شكرًا لكم مرة أخرى على جهود إدارتكم الإعلامية التي تعمل على التغطية المتواصلة لنشاط لجنة التوعية بسيادة القانون منذ بداية المرحلة الأولى 2023 وحتى الآن ونحن ندشن المرحلة الثانية، آمل أن يكون الحديث مثمرًا وملهمًا للجميع.
دعني أشرح بشكل مبسط ومختصر ما المقصود بسيادة القانون التي تعني مبدأ قانوني ينصُّ على أن لا أحد فوق القانون، وأن الجميع متساوون أمام القانون، ولا يجوز معاقبة أحد إلا وفقًا للإجراءات التي ينصُّ عليها القانون وعند انتهاكه فقط، يعود ظهور هذا المبدأ إلى القرون الوسطى، لكنه تطور بشكل كبير خلال العصور الحديثة من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 الذي يعطي سيادة القانون مكانة بارزة بوصفها مسألة شاملة لعدة قطاعات تربط الركائز الثلاث للأمم المتحدة وهي السلام والأمن، وحقوق الإنسان والتنمية أضف عليها ما قاله كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: “إن ضمان سيادة القانون هو المفتاح لحل القضايا الحساسة “، ولا يمكننا الاختلاف معه.
ـ كيف جاءت فكرة إنشاء لجنة التوعية بسيادة القانون؟
برزت فكرة سيادة القانون بوصفها حاجة ضرورة لتوعية المجتمع بالوسائل القانونية، وعندما تيقنت أننا بحاجة إلى التعريف بهذا المفهوم، الذي هو بالفعل مفتاح لحل الكثير من القضايا الحساسة، قمت بتقديم مقترح التوعية بسيادة القانون “كفكرة وطنية” في ديسمبر من عام 2022 إلى معالي وزير العدل القاضي بدر العارضة، الذي رحب بالمقترح ووفقًا للإجراءات المتبعة، تم إحالة المقترح إلى المكتب الفني، ومن ثم إلى مدير الإدارة العامة للدراسات والبحوث، فضلًا عن مدير عام العلاقات والتوعية وبعد ذلك، تم اقتراح تشكيل لجنة تضم إدارة العلاقات والتوعية القضائية، والإدارة العامة للتدريب والتأهيل، والإدارة العامة للدراسات والبحوث، والإدارة العامة للتعاون الدولي وحقوق الإنسان، وفي يناير من عام 2023، عُقد الاجتماع الدوري لمجلس الوزارة لمناقشة المقترح برئاسة الوزير القاضي بدر العارضة، وبحضور قيادة الوزارة، وبعد الاجتماع، تم إصدار القرار الوزاري رقم (36) لسنة 2023 بشأن تشكيل لجنة بديوان عام الوزارة للتوعية بسيادة القانون، حيث تم اختيار أعضائها من الأكاديميين، وهم التالية أسمائهم:
د. سلوى عبدالله بن بريك، رئيسًا.
د. منال سلمان دومان، نائبًا للرئيس.
د. مروان هائل عبدالمولى، عضوًا.
د. خالد صالح بن شجاع، عضوًا.
د. سعيدة سعيد محمد، عضوًا.
أ. محمد على الطشي، عضوًا.
كما صدر قرار باسم القاضي انتصار عبده محمد، عضوًا.
ـ ما المهام الأساسية التي تقوم بها اللجنة؟
تتمثل مهام لجنة سيادة القانون في تعزيز الوعي القانوني، وحماية الحقوق والحريات، والتعاون مع الجهات المعنية لنشر الثقافة القانونية، وتنفيذ حملات توعوية تستهدف مختلف فئات المجتمع، مثل طلاب المدارس والجامعات والموظفين الحكوميين والمجتمع المدني، فضلًا عن تقديم الاستشارات القانونية وتوفير خدمات استشارية قانونية للأفراد الذين يحتاجون إلى مساعدة في فهم حقوقهم أو في التعامل مع القضايا القانونية، وهذا يسهم في تعزيز الثقة في النظام القانوني.
– ما الأهداف الرئيسة التي تسعى اللجنة إلى تحقيقها من خلال حملاتها التوعوية؟
تهدف اللجنة إلى زيادة الوعي بسيادة القانون، وتعزيز ثقافة الالتزام بالقوانين، وتشجيع الأفراد على المشاركة الفعالة في الأنشطة القانونية التوعوية، فضلًا عن توعية المجتمع بمعلومات قانونية واجتماعية حول المحاور الخمسة التي حددها معالي الوزير القاضي بدر العارضة، وهي: الإرهاب، والمخدرات، والابتزاز الإلكتروني، والعنف ضد المرأة، وحمل السلاح.
ـ كيف يتم تحديد الأولويات في عمل اللجنة؟ وما المعايير التي تعتمدون عليها في اختيار المواضيع التي تتناولونها؟
يتم تحديد الأولويات بناءً على تحليل احتياجات المجتمع واستشارة الجهات المعنية، كما تعتمد اللجنة على معايير مثل خطورة الظاهرة على الاستقرار المجتمعي، ومدى تأثيرها على حقوق الأفراد، ومدى انتشارها وتأثيرها على الأمن والعدالة.
وتحديد الأولويات في عمل لجنة التوعية بسيادة القانون، كذلك يسير وفق خطط استراتيجية تهدف إلى تحقيق أفضل تأثير ممكن في المجتمع، ولتحقيق ذلك، يتم تحديد الأولويات بناءً على عدة عوامل، مثل الاحتياجات الفعلية للمجتمع. وقبل البدء في أي حملة توعوية، تقوم اللجنة بإجراء دراسات واستطلاعات رأي لتحديد القضايا القانونية الأكثر أهمية، التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين، فعلى سبيل المثال، كان هناك ارتفاع في انتشار تعاطي المخدرات، فكان من الضروري تكثيف الحملات التوعوية حول المخدرات والجرائم المرتبطة بها، والإجراءات نفسها اتبعناها مع المشاكل والتعديات التي رافقت ظاهرة الزواج المختلط.
أما مسألة المعايير فاللجنة تعتمد في اختيار المواضيع على مجموعة من المعايير لضمان فعالية الرسائل التوعوية، ومنها الأهمية القانونية والاجتماعية، وكذا الجدوى التوعوية، حيث يتم التركيز على المواضيع والقضايا التي ترفع من مستوى الوعي والمسؤولية في البلاد والمجتمع، ويمكن أن تحقق تغييرًا إيجابيًا في سلوك الأفراد وزيادة الوعي القانوني لديهم، مثل التوعية بأهمية سيادة القانون بوصفه مفهومًا عامًا للعدالة والتنمية والاستقرار، والتوعية بمخاطر الإرهاب وحمل السلاح والابتزاز الإليكتروني والمخدرات.
ـ ما طبيعة التعاون بين اللجنة والجهات الحكومية أو المؤسسات التعليمية في تنفيذ برامج التوعية؟
يُعدُّ التعاون بين لجنة التوعية بسيادة القانون والجهات الحكومية والمؤسسات التعليمية أمرًا حيويًا لضمان تنفيذ برامج توعوية فعالة ومستدامة، ومن خلال التخطيط المشترك وتنظيم الفعاليات يمكن تحقيق تأثير إيجابي في المجتمع وتعزيز ثقافة احترام القانون، مما يسهم في بناء مجتمع أكثر عدالة ووعيًا بحقوقه وواجباته، لذلك تتعاون اللجنة مع وزارات العدل والداخلية والتربية والتعليم، فضلًا عن منظمات المجتمع المدني، من خلال تنفيذ ورش عمل، وحملات إعلامية، وإبرام شراكات مع المؤسسات التعليمية؛ لعقد محاضرات توعوية للطلاب والمعلمين.
والتعاون مع الجهات الرسمية والتعليمية عنصر أساسي في نجاح جهود نشر الوعي القانوني، وتعزيز ثقافة احترام القانون في المجتمع، فبدون دعم وتنسيق فعال مع هذه الجهات، قد تواجه لجنة التوعية بسيادة القانون وبرامج التوعية صعوبات في الوصول إلى الجمهور المستهدف وتحقيق الأثر المرجو، ويأخذ هذا التعاون أشكالًا متعددة، تشمل تخطيط بعض الحملات التوعوية المشتركة وتنفيذها، وتنظيم الفعاليات المختلفة، وإعداد مواد توعوية رسمية.
ـ هل هناك استراتيجيات طويلة المدى لتعزيز سيادة القانون والحد من الظواهر السلبية في المجتمع؟
تحقيق سيادة القانون ليس مجرد عملية آنية، بل يتطلب استراتيجيات طويلة المدى تعالج التحديات الهيكلية، وتضمن استدامة الجهود المبذولة للحد من الظواهر السلبية كالجريمة والفساد وضعف الالتزام بالقوانين، وفي هذا السياق يمكن ذكر مجموعة من الاستراتيجيات التي تسهم في تعزيز سيادة القانون وبناء مجتمع أكثر عدالة وانضباطًا، مثل التعليم الذي كان هدفًا رئيسًا للجنة سيادة القانون، فكان لنا حملات توعوية قانونية كثيرة على مستوى المدارس والجامعات والثانويات، فالتعليم يُعدُّ حجر الأساس في ترسيخ ثقافة احترام القانون؛ لذا فإن الاستثمار في التعليم في المجال القانوني على المدى الطويل يُعدُّ استراتيجية حيوية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إدراج مبادئ القانون بطرق مبسطة في المناهج الدراسية، وأهمها تعليم الجيل الناشئ في المدارس والجامعات مبادئ القانون وحقوق الإنسان؛ لأن ذلك سيساعد في تنشئة أجيال تحترم القانون، وأكثر وعيًا بحقوقهم وواجباتهم القانونية.
وتشمل الاستراتيجيات أيضًا تنفيذ حملات توعية مستمرة، وإقامة شراكات مستدامة مع الجهات المعنية، والعمل على إصدار توصيات تُرفع للجهات التشريعية لإحداث تغييرات قانونية تعزز سيادة القانون، ونجاح هذه الاستراتيجيات يعتمد على تضافر جهود الحكومة والمؤسسات والمجتمع المدني والقضاء؛ لضمان تطبيق القانون بشكل عادل ومنصف، مما يعزز ثقة المواطنين في النظام القانوني، ويسهم في بناء مستقبل أكثر أمانًا واستدامةً.
ـ ما أبرز الإنجازات التي حققتها اللجنة منذ تأسيسها؟
حققت هذه الحملة العديد من الإنجازات التي كان لها تأثير إيجابي مباشر على مختلف شرائح المجتمع سواء من خلال توعية الأفراد بأهمية القانون أو بالمخاطر التي تحدق بالمجتمع أو من خلال تحسين الامتثال للقوانين، كان واضحًا تأثير لجنة سيادة القانون الإيجابي من خلال حصول أعضاء اللجنة على تكريم من عدة جهات حكومية ومجتمع مدني، تقديرًا لجهودنا في تعزيز ثقة الناس بالمؤسسات القانونية والقضائية، لوحظ انخفاض واضح في العنف الأسري، أصبح واضح لدى كثير من المواطنين أن الابتزاز الإليكتروني جريمة يعاقب عليها، بالرغم من عدم وجود قانون خاص بمكافحة الجرائم الإليكترونية إلا أن القوانين القديمة تفي بالغرض، والآن مثلًا الكثير من المواطنين من خلال حملة التوعية بسيادة القانون أصبحوا يعلمون أنه قد تم تأسيس وحدة أمنية متكاملة لمكافحة الجرائم الإلكترونية مختصة بمواجهة كافة مشاكل الابتزاز الإلكتروني في العاصمة عدن، وأن الابتزاز جريمة يعاقب عليها القانون، أضف إلى ذلك بخصوص العنف ضد المرأة وغيرها من القضايا ونتيجة لحملات التوعية للجنة سيادة القانون أصبح كثير من الناس يدركون أن هناك عونًا قضائيًا للفقراء والمعسرين، حتى في موضوع الزواج المختلط لاحظنا قلة التوثيق لعقود الزواج المختلط مع يمنيات بسبب التوعية بمخاطر مخالفة قوانين الزواج، ونعرف النتائج مثلًا هناك انخفاض واضح في الزواج المختلط من دولة مجاورة من الإدارة العامة للتوثيق في وزارة العدل بسبب توعية اللجنة بسيادة القانون بأن هذا النوع من الزواج من يمنيات يتم التلاعب بوثائقه وهوية الزوج الأجنبي، ويؤدي بالفتيات اليمنيات إلى كثير من المخاطر والإهانات، وهذا الانخفاض ملاحظ ومؤكد الإدارة العامة للتوثيق في وزارة العدل.
ـ هل لديكم إحصائيات أو بيانات توضح مدى تأثير حملاتكم التوعوية على المجتمع؟
قمنا بتنفيذ أكثر من 22 حملة توعية في المؤسسات التعليمية والمدنية والأمنية، كما تم عقد 11 لقاءً صحفيًا، وأكثر من 15 لقاءً إذاعيًا ومرئيًا، وهذه تُعدُّ إحصائية أولية عن مدى تأثير الحملة.
هناك بيانات لكنها تقريبية بخصوص زيادة ملحوظة في وعي المواطنين بحقوقهم وواجباتهم القانونية ومخاطر المخدرات والإرهاب والابتزاز الإلكتروني وظاهرة حمل السلاح، وذلك من خلال التواصل بوساطة شبكة الإنترنيت أو الاتصال الهاتفي مع هذه الجهات التي تم النزول إليها، والتي أبلغتنا بأن هناك ارتفاعًا في نسبة بيانات تسجيل الإبلاغ عن المخالفات القانونية، وهذا نتيجة الوعي المكتسب من الحملات حيث كان الجمهور يطالبنا بأرقام البلاغات عن المخالفات ، أما عدد المستفيدين من حملة التوعية بسيادة القانون في المؤسسة التعليمية، فهذا الأمر متروك للمؤسسات الحكومية والكليات والمعاهد والمدارس وأجهزة الأمن في كل المديريات الثمان في عدن، وعلى الصعيد التقريبي فأن لجنة التوعية بسيادة القانون استهدفت حوالي 15000 طالب وطالبة في المؤسسات التعليمية، ضف عليهم ما بين 8000 إلى 10000 من منتسبي الأجهزة الأمنية أما في مؤسسات المجتمع المدني كذلك ما بين 5000 إلى 6000 فرد.
ـ هل هناك أمثلة ملموسة على تغييرات إيجابية لاحظتموها نتيجة لأنشطة اللجنة؟
من أبرز التغييرات الملحوظة مثلما ذكرت سابقًا بخصوص انخفاض معدلات الزواج المختلط من دولة جارة مع يمنيات حيث يتم التلاعب بوثائق شروط الزواج القانونية، حتى إن هذا التلاعب يطال صورة الزوج المتقدم، أحيانًا يكون الزوج الأجنبي شيخًا طاعنًا في السن فيما الوثائق تظهره صغيرًا بالسن.
كما أنه من النتائج الإيجابية تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني، وزيادة عدد المشاركين في الحملات التوعوية، وتحسن مستوى التفاعل مع الندوات والورش القانونية.
ـ كيف تقيمون مستوى الوعي القانوني في المجتمع اليوم مقارنة بما كان عليه قبل بدء حملاتكم؟
هناك تحسن واضح في مستوى الوعي القانوني، حيث بات المواطنون أكثر دراية بحقوقهم وواجباتهم، وأصبح لديهم إدراك أكبر بأهمية الالتزام بالقوانين وتأثيرها على الأمن والاستقرار.
الحملة ساعدت على تعزيز الشراكة بين المجتمع المدني والسلطات القانونية، مما أتاح للأفراد الوصول إلى المعلومات القانونية بسهولة أكبر، ونتيجة لذلك بدأنا نرى زيادة في عدد الشكاوى القانونية، وطلب الاستشارات القانونية، مما يعكس تحسنًا في الوعي القانوني.
ـ هل هناك خطط لتوسيع نطاق الحملات التوعوية لتشمل مناطق أخرى أو فئات مجتمعية إضافية؟
نعم، تشمل المرحلة الثانية توسيع نطاق الحملات لتشمل فئات جديدة، مثل اللجان المجتمعية في المديريات، والطلاب في المعاهد الفنية والتقنية، فضلًا عن تكثيف الجهود في التوعية بمخاطر الزواج المختلط غير المتماشي مع القانون الوطني.
ـ هل تعدُّون الفجوة في الثقافة القانونية تمثل تحديًا في أثناء تقديم المعلومات القانونية؟
انخفاض الثقافة القانونية لدى غالبية الناس واضح جدا، والسبب هو ضعف التعليم والصراعات وقلة الوعي بأهمية القانون وانخفاض مستوى الثقافة القانونية، فذلك يؤدي إلى عواقب سلبية خطيرة وفي نهاية المطاف إلى عدم الاستقرار وإبطاء وتيرة التنمية في البلاد، ويؤثر على صورة الدولة محليًا وإقليميًا ودوليًا؛ لذلك ينبغي أن يُنظر إلى الثقافة القانونية بأنها إحدى الصفات الضرورية الأساسية للمواطن والمسؤول، وهذه مهمة مشتركة ليس للهيئات الحكومية فحسب، بل لجميع المواطنين؛ لأن ضمان سيادة القانون هو الشرط الرئيس لبناء الدولة العادلة.
ـ ما أبرز الصعوبات التي واجهتها اللجنة خلال تنفيذ أنشطتها؟
إلى جانب قلة الوعي القانوني لدى بعض الفئات، وصعوبة الوصول إلى الفئات المستهدفة، والتحديات اللوجستية في المناطق النائية، واجهت اللجنة عدة صعوبات أخرى، من بينها:
1. غياب دور الدولة والجهات المعنية:
غياب الدعم الحكومي الفعّال، وغياب التنسيق بين الجهات الرسمية والمنظمات المعنية وهو ما حدّ من القدرة على تنفيذ بعض الأنشطة بالشكل المطلوب. كما أن ضعف المؤسسات القانونية وعدم تفعيل القوانين بشكل كافٍ أثر على نشر الوعي القانوني، وجعل من الصعب تحقيق الأهداف المرجوة.
2. التحديات الأمنية والاقتصادية:
الأوضاع الأمنية غير المستقرة في بعض المناطق، نتيجة للصراعات والتوترات السياسية، شكلت عائقًا رئيسًا أمام تنفيذ الحملات الميدانية والوصول إلى الفئات المستهدفة.. كما أن الوضع الاقتصادي المتدهور، وارتفاع معدلات الفقر، جعلا الأولويات لدى بعض الفئات تنصب على الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والمأوى، مما أدى إلى تراجع الاهتمام بالمشاركة في الأنشطة القانونية والتوعوية.
3. تأثير ظروف الحرب على الجانب التعليمي:
الحرب المستمرة فكان لها تأثير مباشر على العملية التعليمية، حيث تسببت في:
تدمير البنية التحتية التعليمية، بما في ذلك المدارس والجامعات والمراكز التدريبية، مما أدى إلى تراجع مستوى التعليم القانوني.
نزوح عدد كبير من السكان، وخصوصًا الطلاب، ما أدى إلى انقطاعهم عن البرامج التوعوية وصعوبة الوصول إليهم.
قلة الكوادر التعليمية المتخصصة، حيث اضطر العديد من المعلمين والمختصين القانونيين إلى مغادرة مناطقهم أو تغيير مجالات عملهم بسبب الظروف الصعبة.
ضعف المناهج الدراسية، حيث لم يتم تحديثها لمواكبة المستجدات القانونية أو لم يتم التركيز على نشر الثقافة القانونية ضمن العملية التعليمية.
4. التفاعل المحدود من بعض الفئات المستهدفة:
رغم الجهود المبذولة، لم تلقَ بعض الأنشطة الاستجابة المتوقعة من الفئات المستهدفة، ويعود ذلك إلى عدة عوامل، منها:
– عدم إدراك أهمية الوعي القانوني، حيث يركز بعضهم على القضايا المعيشية المباشرة دون إعطاء الأولوية للجانب القانوني.
– العادات والتقاليد المجتمعية، التي قد تنظر إلى بعض القضايا القانونية بحساسية أو ترى في نشر الوعي القانوني تدخلًا غير ضروري.
– ضعف قنوات الاتصال والتواصل، مما جعل من الصعب الوصول إلى الجمهور المستهدف بفعالية.
هذه الصعوبات مجتمعة أثرت على تنفيذ الأنشطة وأبطأت تحقيق الأهداف المرجوة، ما استدعى إيجاد حلول بديلة، وابتكار أساليب جديدة للتغلب على التحديات.
-هل كان لوزارة العدل مساهمة واضحة في تنظيم فعاليات تعزز من دور القانون في حياة المجتمع؟
بالتأكيد، لقد قامت وزارة العدل تحت رعاية القاضي الوزير بدر العارضة بتنظيم العديد من الفعاليات المتعلقة بحقوق الإنسان ومكافحة العنف ضد المرأة، كما تم عقد ندوات وورش عمل تركز على حقوق المرأة والطفل، فضلًا عن جهودها في مكافحة المخدرات والإرهاب، وأسهمت زارة العدل أيضًا في تنظيم فعاليات متعددة تهدف جميعها إلى تعزيز دور القانون في المجتمع، على الرغم من التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه البلاد.
حاليًا تُعدُّ التوعية القانونية إحدى أولويات وزارة العدل حيث أطلقت العديد من الحملات والبرامج التعليمية لرفع مستوى الوعي بالقوانين والحقوق بين المواطنين، فضلًا عن ذلك أسهمت الوزارة في تعزيز الوصول إلى العدالة وإصلاح النظام القضائي من خلال مراجعة القوانين واللوائح المعمول بها بما يتماشى مع المعايير الدولية، وتشمل هذه الإصلاحات تعزيز استقلالية القضاء وتدريب القضاة على أفضل الممارسات القانونية، علاوة على ذلك، تتعاون وزارة العدل مع المنظمات الدولية والمحلية لتعزيز سيادة القانون وحقوق الإنسان، حيث تتضمن هذه الشراكات مشاريع مشتركة تهدف إلى تطوير القوانين، وتعزيز دور المؤسسات القانونية.
ـ ماهي المعوقات القانونية أو الإدارية التي تحد من قدرة اللجنة على تحقيق أهدافها؟
تُعدُّ الـ(البيروقراطية) إحدى المعوقات الإدارية الأساسية، ففي بعض الأحيان تتطلب الإجراءات الرسمية الحصول على تصاريح أو موافقات من جهات حكومية متعددة، مما يمكن أن يبطئ تقدم اللجنة ويعوق تنفيذ البرامج. وقد تؤدي الإجراءات المعقدة إلى تأخير الأنشطة وتزيد من التكاليف.
واجهت اللجنة كذلك تحديات مثل نقص الموارد المالية، والحاجة إلى مزيد من الدعم القانوني والإداري لتوسيع نطاق أنشطتها.
ـ كيف يمكن للمؤسسات المدنية أن تسهم بشكل فعّال في تعزيز سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان، وما هي السُبل لتحقيق ذلك؟
تُعدُّ سيادة القانون التزامًا صارمًا وغير مشروط بالدستور والقوانين الوطنية، فضلًا عن الإجراءات التي تتخذها السلطات الحكومية وإداراتها، وتصرفات المسؤولين على جميع المستويات، كما تشمل المساواة أمام القانون لجميع مواطني الدولة، مما يجعلها إحدى السمات الأساسية للمجتمع المدني واليوم يُستخدم مصطلح “سيادة القانون” في إطار القانون الدستوري لكثير من الدول، للدلالة على أعلى درجات القوة القانونية. وبالتالي، فإن ضمان سيادة الدستور والقوانين يُعدُّ معيارًا حاسمًا لنا لبناء دولة ديمقراطية قانونية في بلادنا، ويجب ألا نغفل حقيقة أن ارتباط ضمانات السلام والتقدم ونتائج الإصلاحات ترتبط ارتباطًا وثيقًا بهذا المبدأ الأساسي حيث يُعدُّ تعزيز سيادة القانون في المجتمع ضمانًا لفعالية كافة الإصلاحات المنفذة، وهو العامل الأهم في رفع مستوى معيشة السكان، وضمان السلام والوئام والاستقرار في البلاد.
سيادة القانون تُعدُّ شرطًا أساسيًا لعمل المجتمع والدولة، واحترامها ضروري لتعزيز ثقة المواطنين في المؤسسات الحكومية، وتحقيق التنمية الاقتصادية الشفافة، خذ مثلًا في أوروبا، حددت لجنة البندقية مكونات سيادة القانون، ومن بينها ضرورة حل القضايا القانونية على أساس القانون وليس وفقًا لتقديرات السلطة، فضلًا عن حماية حقوق الإنسان، وضمان المحاكمة العادلة، وامتثال الدولة لالتزاماتها بموجب القانونينِ الوطني والدولي. جميع هذه البنود ترتبط ارتباطًا وثيقًا بدور المجتمع المدني الفعال، وهذا جيد ومهم، والأهم هو إن على الدولة وأجهزتها أن تعمل إلى جانب مسؤوليها والمواطنين، وفقًا للدستور والقوانين، ولا يجوز لأي تصرف من الدولة أن يتعارض مع الدستور؛ لذا يظل السؤال: كيف يمكن تحقيق تنسيق فعّال بين المجتمع والدولة للحفاظ على سيادة القانون؟ أحد الشروط الأساسية لذلك هو الموقف الموضوعي للمجتمع تجاه القانون، والثقافة القانونية التي تمثل الأساس لبناء مجتمع قانوني ومدني متحضر، تتسم فيه الصفات الأخلاقية الرفيعة بالمسؤولية، مثل الضمير الحي والشرف وتقدير الذات، إلى جانب معرفة الحقوق والمسؤوليات والاحترام وضرورة العيش وفقًا للقوانين.
إن سيادة القانون لا تُعزز بالقوانين وحدها، بل من خلال الأفراد أنفسهم، أي من خلال المجتمع برمته؛ لذا لضمان سيادة القانون، من الضروري اتباع كافة المعايير والاستفادة من إمكانيات مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والشعب، ويجب التأكيد على أن المجتمع المدني، الذي يضمن حماية حقوق كل فرد ويأخذها بعين الاعتبار، ويكون فيه الجميع متساوين أمام القانون، يُعدُّ جزءًا لا يتجزأ من الدولة الديمقراطية القانونية الاجتماعية
ـ ما هي النصوص القانونية الأساسية التي تعتقد أنه يجب احترامها لتعزيز سيادة القانون في اليمن؟
بالطبع إن بناء سيادة القانون وتعزيزه في اليمن يتطلب التزامًا صارمًا بعدد من القوانين الأساسية، يأتي في مقدمتها الدستور، الذي يُعدُّ الإطار القانوني الأعلى الذي يحدد الحقوق والواجبات، فضلًا عن ذلك، يجب الالتزام بقوانين حقوق الإنسان، من خلال احترام القوانين المحلية والدولية التي تحمي هذه الحقوق، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
كذلك، ينبغي أن تتضمن قوانين العدالة الجنائية إجراءات قانونية عادلة تضمن حقوق المتهمين، وحقهم في الحصول على محاكمة عادلة، ومن الضروري أيضًا وجود تشريعات صارمة لمكافحة الفساد، تعزز الشفافية والمساءلة في المؤسسات الحكومية، علاوة على ذلك، يجب احترام قوانين حماية الملكية الفردية، مع توفير حماية قانونية ضد الاستيلاء غير المشروع كما تُعدُّ قوانين العمل أساسية لضمان حقوق العمال، بما في ذلك حقوقهم في الإضراب والتنظيم والمفاوضة الجماعية، أما فيما يتعلق بقوانين الأسرة، يجب أن تركز هذه التشريعات على حماية حقوق الأفراد في مسائل الزواج والطلاق، مع إعطاء الأولوية لحقوق المرأة والأطفال، كذلك قوانين الإعلام يجب أن تعزز حرية التعبير وحرية الصحافة، مع وجود تشريعات تحمي الصحفيين من التهديدات والمضايقات، وأخيرًا يجب أن تضمن قوانين الانتخابات إجراء انتخابات حرة ونزيهة، مع حماية حقوق الناخبين، في اعتقادي تسهم هذه القوانين مجتمعة في بناء إطار قانوني متين يعزز من سيادة القانون ويسهم في تحقيق العدالة والمساواة في اليمن.
ـ ما الخطط المستقبلية للجنة لتعزيز الوعي المجتمعي بسيادة القانون؟
تشمل الخطط المستقبلية تنفيذ حملات توعية موسعة في بقية المحافظات وفقًا للإمكانات المتاحة، وتطوير عمل اللجنة من خلال عقد شراكات مع مختلف وسائل الإعلام للقيام ببرامج وحلقات وجلسات حوارية بشكل أكبر، وتوسيع الشراكات مع المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني، فضلًا عن إطلاق مبادرات جديدة تستهدف الفئات الأكثر تأثرًا بالظواهر السلبية، مثل النساء وغيرها من الخطط.
ـ كلمة أخيرة؟
أشكركم على هذا اللقاء للتعريف بمفهوم سيادة القانون ومحاوره الخمسة، وعلى اللجنة القائمة بحملة التوعية بهذا الموضوع، كما أدعو عبر صحيفة القضائية مؤسسات الدولة والمجتمع إلى دعم هذه المبادرات والمشاركة في الأنشطة التوعوية، فالتوعية هي أساس التغيير ومن خلال التعاون والتضامن يمكننا جميعًا المساهمة في بناء بيئة قانونية تحمي حقوق الجميع وتعزز العدالة، ونتطلع إلى رؤية المزيد من الإنجازات في المستقبل.
اكتشاف المزيد من الصحيفة القضائية |
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
لا تعليق