الدكتور عياد الشاجري
تمهيد:
كما هو معلوم أن الموظف المرؤوس ملزم بأن ينفذ ما يصدر إليه من أوامر بدقة وأمانة؛ وذلك في حدود القوانين واللوائح والنظم المعمول بها؛ لكنا هذه الطاعة لا تخل بحق المرؤوس في إبداء رأيه، وذلك في حدود اللياقة والأدب.
يعدُّ هذا الالتزام في مجال الوظيفة العامة من أهم الالتزامات؛ إذ يتعلق بالسلطة الرئاسية التي تفرضها طبيعة النظام الإداري، وتعني هذه السلطة أن يكون من حق الرئيس إصدار أوامر وتعليمات داخلية للمرؤوس، يكون على هذا الأخير الالتزام بها وطاعتها، وأن أي مخالفة أو عصيان لهذه الأوامر والتعليمات يعدُّ خطًأ تأديبيًا يرتب ويعقد المسؤولية التأديبية، التي يستتبعها توقيع العقوبة التأديبية، على المخالفين لهذه الأوامر والتعليمات، وقد سبق بيان أسس ودوافع هذه السلطة التي يحوزها ويمارسها الرؤساء الإداريون في مواجهة مرؤوسيهم. وتقوم بشأن فكرة التزام المرؤوس بطاعة الأوامر والتعليمات الرئاسية واحترامها، التي تصدرها السلطات الإدارية الرئاسية المختصة في النظام الإداري للدولة. وتدور في نطاق العلاقة القانونية والتنظيمية والفنية الرئاسية بين الرؤساء و مرؤوسيهم، وبعض القضايا والمسائل القانونية بالغة التعقيد والتشعب في بعض المجالات وفي بعض الأحيان، مثل مسألة إلى أي مدًى يجب قانونًا على الموظفين العامين الالتزام بواجب إطاعة وتطبيق الأوامر والتوجيهات والتعليمات الرئاسية الصادرة إليهم من رؤسائهم الإداريين المختصين.
وقد نص القانون اليمني في قانون الخدمة المدنية رقم (19) لسنة 1991م مادة (13) على أن من واجبات الموظف أن: “يلزم الموظف بواجبات الوظيفة بصورة عامة سواء تلك التي حددها القانون أو التي حددتها الأنظمة أو التعليمات أو القرارات الإدارية أو المبادئ العامة للقانون أو التي جرى العرف الوظيفي على اعتبارها جزءًا من واجبات الوظيفة …الخ”.
والغرض من إعطاء سلطة التوجيه للرئيس الإداري هو ضمان حسن سير العمل الإداري، والأداء والخدمة الإدارية نحو الأمثل ويكون على المرؤوس المخاطب بهذه التعليمات التي يصدرها الرئيس صفة الالتزام.
ولكن هل من واجب المرؤوس أن يطيع وينفذ جميع الأوامر والتعليمات الصادرة إليه من رئيسه أم أن هناك حدودًا لذلك؟ وللإجابة عن ذلك يجب التمييز بين نوعين من الأوامر المشروعة وغير المشروعة.
المحور الأول
تنفيذ الأوامر المشروعة
إذا كان الأمر الصادر من الرئيس متفقًا مع أحكام القانون فإن طاعته واجبة بطبيعة الحال على المرؤوس؛ لكن مع توافر في الأمر الرئاسي الواجب الطاعة مجموعة من الشروط الشكلية والموضوعية.
إن مبادئ تقسيم العمل تستلزم أن يعهد إلى الرئيس والمرؤوس على حدّ سواء بدور محدد، فالرؤساء يختصون بإصدار أوامرهم إلى مرؤوسيهم، في حين ينفذ المرؤوسون ما تحمله إليهم تلك الأوامر، فإذا تجاوز مضمونها تلك الحدود تخلف شرط من شروط واجب الطاعة.
وعليه فشرط الاختصاص يفيد في أنه يؤدي إلى منع التضارب في مباشرة المهام والسلطات، وإضفاء طابع الإلزام على الأوامر الرئاسية، وإعطاء المرؤوس مركزًا قانونيًّا يحميه من تعسف السلطة الرئاسية في حالة تكليفه بتنفيذ أوامر وتعليمات لا تدخل ضمن اختصاصاته الوظيفية.
هذا التخصص-أيضًا- من شأنه إقامة الحدود؛ لذا يجب على الرئيس والمرؤوس احترامها وعدم تخطيها، وإلا طبع ذلك العمل بعدم المشروعية لعدم تحقق شرط الاختصاص.
– موقف المشرع اليمني من الأوامر المشروعة:
حتى لا يطير الكاتب شعاعًا في هذا الموضوع فإنه يشير إلى أن المشرع اليمني، ومن خلال تشريعات الخدمة المدنية لاسيما القانون رقم (19) لسنة 1991م بشأن الخدمة المدنية، وهو القانون الذي يقنن تشريعات العمل في الجهاز الإداري للدولة؛ فقد منح وزارة الخدمة المدنية والإصلاح الإداري وهي الوزارة التي تشرف على الموظفين في القطاع العام والإداري في الدولة، مهمة الإشراف على تطبيق القانون، وتطبيق الأوامر الإدارية، ومدى تطابقها مع القانون واللوائح التنفيذية.
جاء في المادة (5) من القانون التي تنص على أنه: مع مراعاة أحكام القانون والتشريعات الأخرى النافذة تتولى وزارة الخدمة المدنية والإصلاح الإداري الإشراف على تطبيق هذا القانون ولها في سبيل ذلك الصلاحيات الآتية:
أ- تراقب سلامة تطبيق القرارات والأوامر الإدارية ومدى تطابقها مع هذا القانون ولوائحه التنفيذية.
ب- متابعة آثار تطبيق هذا القانون وتجري الدراسات بشأنها وتقترح التعديلات الضرورية، التي تتلاءم مع سياسة الدولة، ومتطلبات تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتدرس المقترحات المقدمة لتعديل أحكام هذا القانون، وترفع توصياتها بشأنها إلى مجلس الوزراء لدراستها والموافقة عليها، وتقديمها إلى مجلس النواب لاتخاذ الإجراءات الدستورية بشأنها.
ج- تضع الصيغ التنفيذية المناسبة، وتصدر التعليمات في كل ما يقع ضمن اختصاصاتها وواجباتها بمقتضى هذا القانون.
د- تضع وتطور الأساليب التنظيمية في تخطيط وتنظيم وإدارة شؤون الأفراد؛ لرفع كفاية وفاعلية الجهاز الإداري للدولة والقطاعين العام والمختلط بما يؤدي إلى تحقيق الأهداف والاقتصاد في الجهد والوقت والمال في تنفيذ الأعمال والواجبات الموكلة إليه في خدمة المواطنين على أكمل وجه.
ه- تتولى إصدار الفتاوى مسببة فيما يثور من إشكالات عند تطبيق هذا القانون، وتكون فتاواها ملزمة، وتوضح اللوائح التنفيذية الإجراءات اللازمة، والمتبعة في هذا الشأن.
و– اقتراح اللوائح التنفيذية لهذا القانون.
ز- تتولى دراسة مقترحات الوحدات الإدارية في كل ما يتعلق بشؤون الخدمة المدنية والبت فيها وفقًا لأحكام هذا القانون
والملاحظ –أيضًا- أن المشرع اليمني جعل معيار القانون وحده في تطبيق القرارات الإدارية؛ أي: أن تكون مشروعه وفقًا للقانون وجعل وزارة الخدمة المدنية مراقبًا لتطبيق القانون ومدى مطابقة تلك القرارات للقانون كما في المادة (5) المذكورة آنفًا، ومن مهام المجلس الأعلى للخدمة المدنية –كذلك- التنسيق بين مؤسسات الدولة والوزارات والموارد البشرية، وتطوير التنمية الإدارية وتطوير الهيكل التنظيمي للإدارة العامة في الدولة، وكذا تأهيلها وتطبيق القانون ونظم الخدمة المدنية والتنظيم الإداري والرفع لمجلس الوزراء بشأن المخالفات الخطيرة، وكذا تسوية النازعات التي ترفع من الوزارة وأشارت إلى ذلك المادة (6-7) من القانون بفقراتها كافة، فإن معيار مطابقة القرارات والأوامر للقانون وحده هي السبيل لتطبيقها والتزام الموظفين بتنفيذها؛ ونصت المادة (8) من قانون الخدمة المدنية اليمني الوزير ومسؤول الوحدة الإدارية هما المسؤولان عن تنفيذ أحكام القانون؛ فقد نصت فقرة (أ) على أن: يكون كل وزير مسؤولًا عن سلامة تنفيذ أحكام هذا القانون، وتحقيق أغراضه في مجال وزارته، والوحدات المرتبطة به.
وتنص الفقرة (ب) –أيضًا-: على أنه يكون رئيس كل وحدة إدارية مسؤولًا أمام الوزير المختص عن سلامة تنفيذ أحكام هذا القانون، وتحقيق أغراضه في مجال الوحدة الإدارية التي يرأسها.
وقد أشرنا سلفًا أن القانون هو المعيار لتنفيذ الأوامر الرئاسية في القانون اليمني وحدد القانون من هم الأشخاص المسؤولون عن تنفيذ أحكام القانون وحملهم مسؤولية عدم تطبيق القانون.
وقد أشارت المادة (13) المذكورة سابقًا من قانون الخدمة المدنية اليمني على أن: يلزم الموظف بواجبات الوظيفة بصورة عامة سواء تلك التي حددها القانون أو التي حددتها الأنظمة أو التعليمات أو القرارات الإدارية أو المبادئ العامة للقانون أو التي جرى العرف الوظيفي على اعتبارها جزءًا من واجبات الوظيفة.
وفي هذه المادة التي ألزمت الموظف بواجبات الوظيفة سواء أكانت التي حددها القانون أم الأنظمة أم التعليمات أم القرارات الإدارية أم المبادئ العامة للقانون أم العرف الوظيفي؛ أي: دعا المشرع لطاعة أوامر الرئيس؛ لكنه قد اشترط أولًا أن توافق أحكام القانون وما شرعه المشرع بحيث توافق هذه القرارات لأحكام القانون؛ وبذلك فإن معيار تنفيذ الأوامر الرئاسية وطاعتها يلزم أن تكون صادرة وفقًا للقانون كما أشارت الفقرات المذكورة سابقًا من قانون الخدمة المدنية اليمني.
المحور الثاني
نطاق ومدى التزام الموظف العام بطاعة الأوامر غير المشروعة
مما سبق طرحه في المحور الأول من المقال الخاص بنطاق ومدى التزام الموظف العام بطاعة أوامر رئيسه، يمكن القول إن المرؤوس ملزم بإطاعة أوامر رئيسه الإداري المشروعة إلى جانب احترام القانون وأحكامه، وإلا عُدَّ مقصرًا وتعرض للمساءلة، إلا أنه وفي بعض الحالات قد يجد المرؤوس نفسه أمام مشكلة تعارض أوامر رئيسه الإداري وقواعد المشروعية الذي يجب أن يسود كافة التصرفات الصادرة عن السلطة الإدارية، فيجد المرؤوس نفسه بين أمرين: إما احترام القانون وعصيان الأمر غير المشروع، وفي هذا إهدار للسلطة الرئاسية واجبة الاحترام، أو إطاعة الأمر وتجاهل القانون، ولا شك أن في ذلك إهدارًا للمشروعية.
ويعدُّ الموظف العام في وضعية المؤتمن على مصالح الدولة ولو أن وضعيته التبعية الهرمية التي تفرض عليه تنفيذ مهامه الموكلة إليه وذلك مهما كانت رتبته في السلم الإداري؛ لكونه مسؤولًا من رئيسه إلا إذا كانت الأوامر غير مشروعة، وبطبيعتها إلحاق الضرر الجسيم بالمصلحة العامة ويترتب على تنفيذها المساس الخطير بحسن سير المرفق العام أو من شأنه دفع الموظف المرؤوس إلى ارتكاب مخالفة جزائية وإلى التعسف.
فإذا كانت أوامر الرئيس مخالفة للقانون أو غير مشروعة فإن المرؤوس يجد نفسه أمام أمرين: إما أن يحترم القانون فلا يطيع أوامر رئيسه وإما أن يطيع هذه الأوامر فيكون قد خالف القانون، هو إذن إزاء واجبين: احترام القانون وواجب طاعة الرئيس، فإلى أيهما يمتثل؟
وبذلك تعددت آراء الفقهاء ومواقف القانون الإداري والقضاء والمشرع في الإجابة عن هذا التساؤل.
-التنازع بين واجب الطاعة ومبدأ الشرعية
(مشكلة الطاعة فيما يخص الأوامر الرئاسية المخالفة للقانون)..
يدخل واجب الطاعة في عراك مع واجب احترام القانون، حين يجد المرؤوسون أنفسهم أمام بعض الأوامر الرئاسية التي تتعارض مع قواعد المشروعية، وهنا يثور التساؤل عن موقف المرؤوس من هذه المشكلة، هل يصدع لأمر رئيسه بما في ذلك من إهدار سافر لقواعد القانون؟ أم يهمل طاعة هذا الأمر فلا يذعن إلا للقانون وحده؟ تلك هي المشكلة الشائكة التي أثارت خلافًا حادًّا بين الفقهاء، واختلفت التشريعات في سبيل علاجها، حتى أنه قد قيل بشأنها أنه لا توجد مشكلة أثارت خلافًا في فقه القانون العام والوظيفة العامة مثل هذه المشكلة.
– موقف المشرع اليمني:
نصت المادة (26) من القرار الجمهوري رقم (12) لسنة 1992 بشأن اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية – الفقرة (ج) على الموظف “أن ينفذ ما يصدر إليه من أوامر وتوجيهات من رئيسه بدقة وأمانة وذلك في حدود القوانين واللوائح والنظم المعمول بها، فإذا كان الأمر الصادر إليه مخالفًا لها فإنه يتعين عليه إيضاح ذلك كتابًة لرئيسه فإذا أمر رئيسه كتابة على تنفيذ الأمر وجب على الموظف التنفيذ، ويتحمل مصدر الأمر في هذه الحالة مسؤولية الأوامر التي تصدر منه”.
وأشار المشرع اليمني للمسؤولية المالية والإدارية للموظف في المادة (7) من قرار رئيس مجلس الوزراء بشأن لائحة الجزاءات والمخالفات المالية والإدارية فقرة (5) إذ نصت “لا يعفى الموظف من المسؤولية إلا إذا ثبت بأن ارتكابه للمخالفة كان تنفيذًا لأمر كتابي من رئيسه بالرغم من تنبيه بالمخالفة وفي هذا الحالة تكون المسؤولية على مصدر الأمر”.
ويتضح أن المشرع اليمني قد أخذ بنظرية تكرار الأمر كما هو الشأن في القانون المصري واللبناني والكويتي، لاحظنا أن القانون اليمني اشترط لإعفاء المرؤوس من المسؤولية في حال تنفيذه لأوامر غير مشروعة هو تنبيهه لرئيسه وإيضاح ذلك كتابًة، فإذا أمر رئيسه كتابة بالتنفيذ وجب على الموظف التنفيذ وتكون المسؤولية على مصدر الأمر.
نرى أن المشرع اليمني أغفل حماية الموظف من تعسف المسؤول عند تسجيل اعتراضه على قراراته المخالفة للقانون، لأن رفض المرؤوس لتلك الأوامر بنظر الرئيس انتقاص لهيبته مما يجعله يتعنت للموظف بتهمة عدم التعاون معه، لهذا لا بَّد من إجراءات لحماية الموظف من عواقب رفضه تنفيذ قرار خاطئ لرئيسه وتسجيله اعتراض كتابي بذلك، وكذلك تشجعه على اعتراض القرارات الخاطئة لرئيسه، وكذلك كان لزامًا أن تعطى مساحة للمرؤوس لرفع المشكلة لجهات أعلى في حال كان الأمر قد يتسبب بمخالفة قد تضر بالمصلحة العامة للمرفق أو الدولة، بدلًا من حصرها بين الموظف ورئيسه وبمجرد إصرار الرئيس على الأمر بعد اعتراض الموظف كتابيًّا ورد الرئيس بالتنفيذ كتابة يلزم الموظف بالتنفيذ من دون منحة فرصة لإبلاغ الجهات الأعلى في حال كان الأمر يشكل ضرر كبير بالدولة.
ولعلى الواقع العملي في بلدنا يتطلب إعطاء هامش معين لا بأس به للمرؤوس لمراجعة الأوامر الرئاسية لا سيما في حالة عدم مشروعيتها.
الخاتمة: وفي ختام دراستنا لهذا الموضوع نجد أن في مجال الوظيفة العامة يلتزم الموظف بطاعة أوامر رئيسه إما بدافع القانون الذي يلزمه بذلك استنادًا لمبدأ التدرج الوظيفي “رئيس ومرؤوس” أو “السلم الإداري”، وإما بدافع الثقة بهم، أو خوفًا من العقوبات المهدد بإيقاعها عليه إذا ما أخل بواجب الطاعة، أو بدافع الثواب والحصول على التقدير والتكريم.
وواجب الطاعة بوصفه التزامًا يتمثل في الخضوع لأوامر الرؤساء واحترامهم بالقدر اللازم لحسن سير عمل الإدارة؛ فهو أحد الواجبات الوظيفية التي تفرضها قوانين الوظيفة العامة على الموظف العام، بغض النظر عن نوع النظام الإداري السائد في الدولة، وهو يحتل الريادة في الجانب العسكري من حيث خضوع الأفراد وطاعتهم لأوامر القادة؛ فهي تمثل قوة الجيش.
وأن تحديد نطاق الطاعة وضوابطها، استلزم منا أولًا معرفة أشخاص طرفي الطاعة التي تقوم عليها أسس السلطة الرئاسية وهما: الرئيس، والمرؤوس؛ فالرئيس الإداري هو موظف يخضع له عدد من الأفراد ويسعون مجتمعين إلى تحقيق أهداف معينة في مجال الوظيفة. والمرؤوس الذي هو: كل موظف يخضع إداريًّا وفنيًّا لسلطة رئاسية عليا.
وكذلك الضوابط التي تحدد نوعية الأوامر وشروط طاعتها وتنفيذها وحدود الأوامر؛ فالطاعة واجبة على الموظف العام تجاه مرؤوسه؛ لكنها ليست طاعة عمياء لا تضع ضوابط أو حدودًا لتلك الطاعة، التي قد يشوبها التجاوز أو عدم المشروعية، ومدى الطاعة لها، ومسؤولية الموظف حيال تلك الأوامر المخالفة للقانون.
مستشار وزير العدل
اكتشاف المزيد من الصحيفة القضائية |
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.


لا تعليق