نظام “العود” أو تكرار ارتكاب الجريمة قصور في التشريع اليمني!


القاضي الدكتور صالح عبدالله المرفدي

تمهيد:

من الصعوبة بمكان، أن نبني مفهومًا للجريمة، دون أن نحدد عقوبة مناسبة وملائمة لها، بحيث تخلق الشعور بالراحة والطمأنينة لدى العامة، والردع والرضا لدى الجاني، مما يجعله يتقبل عقوبته، ويمتنع عن الجُرّم الذي ألحقه بالآخرين.. وعليه، يبقى الهدف الأساسي من العقوبة على الدوام، هو تحقيق العدل، وعدم اعادة إنتاج الإجرام قدر الإمكان، على الرغم أن الجريمة ضريبة وجب على المجتمع دفعها!!  وفي هذا الإطار، فإن العديد من المجرمين الذين نفّذوا الجرائم وأدوا فترة العقوبة، لم يتوقفوا عن إنتاج سلوكياتهم الإجرامية، وهذا ما يعرف “بظاهرة العود في الجرائم”، والتي أصبحت من المشاكل الكبرى التي تعاني منها الدول ومنها اليمن.

وغني عن البيان، أن العود إلى الإجرام من المواضيع الديناميكية المستمرة، ذلك أن تطور الجريمة مرتبط بكيفية التعامل معها، وهنا يتحتم علينا، متابعة ومسايرة هذه الديناميكية، بدراسات وابحاث علمية، خاصة اذا علمنا أن نسب عودة المجرم الى ارتكاب الجريمة، ترتفع بشكل كبير ومتنامي في الدول النامية، لا سيما “اليمن” التي تشهد صراعات سياسية، وهو ما يعطى أهمية خاصة لدراسة هذا الموضوع.. ومن هذا المنطلق، ندرس “نظام العود”، في ثلاثة محاور، نتناول في الأول مفهوم العود وشروطه وأنواعه، ونستعرض في المحور الثاني موقف التشريعات العقابية العربية منه، ونخصص الثالث لموقف التشريع اليمني، ونختم الدراسة بوضع بعض المقترحات والتوصيات المتواضعه.

المحور الأول: مفهوم العود، وشروطه، وأنواعه:

أولا: مفهوم العود:

يطلق العود في الاصطلاح القانوني: “على حالة الشخص الذي يرتكب جريمة بعد أخرى، حكم فيها نهائياً”. أي أن العود ينشأ عن تكرار وقوع الجرائم من شخص واحد، بعد الحكم نهائياً عليه في إحداها أو بعضها.. ويلاحظ من خلال القراءة الاولية، أن العود يعدّ ظرفًا مشددًا، وفق شروط وضوابط محددة، ومن أسبابه هي، أن المجرم الذي يعود إلى ارتكاب جريمة جديدة، يثبت للقضاء أنه يمتلك صفة الميل للأجرام، ويستهين في العقوبة، ودليل على خطورته على المجتمع وسلامة أمنه.

ثانيا: شروط نظام العود:

ينبغي لقيام حالة العود؛ كسبب مشدد للعقوبة، توافر ثلاثة شروط: 

الأول/ أن تكون هناك جريمتين على الأقل قد ارتكبها الجاني.

والثاني/ أن يكون قد صدر حكم سابق بالادانه في الجريمة الأولى، على أن يكون هذا الحكم نهائي، أو بات (غير قابل للطعن وبكافة الطرق).

أما الثالث/ أن يرتكب الجاني جريمة ثانية، بعد ارتكابه للجريمة الأولى، وسبق وأن صدر حكم قضائي في الأولى، كما ذكرنا في الشرط الثاني.

 ثالثا: أنواع العود:

يقسم العود لعدة اعتبارات:

القسم الأول: باعتبار التشابه بين الجريمتين:  ويقسم الى عود عام وعود خاص:

الأول/ يكون العود خاصاً، بمعنى أن لا يعتبر المجرم عائداً، إلا إذا كانت الجريمة الثانية من نوع الجريمة الأولى، أو مماثلة لها، فإن لم تكن الجريمة الثانية كذلك، فلا يعتبر المجرم عائداً خاصًا. ومثالها: أن يرتكب الجاني في الأولى جريمة سرقة، وفي الثانية سرقة مطابقه لها، أو أن يرتكب جريمة مماثله لها في التصنيف، كالنصب أو الاختلاس أو خيانة الأمانة، وهنا يعتبر الجاني عائدًا خاصًا.

اما الثاني/ فيكون العود عاماً، بحيث يعتبر المجرم عائداً، إذا ارتكب جريمته الثانية، سواءً كانت من نوع الأولى أو من نوع آخر مماثل لها أو غير مماثلة، ومثالها: أن يرتكب في الأولى جريمة سرقة، وفي الثانية سرقة كذلك، أو مماثلة لها كالنصب أو الاختلاس أو غير مماثلة لها، كالقتل أو الاغتصاب أو أي جريمة اخرى أيًا كانت، فهنا يعتبر الجاني عائدًا عامًا.

القسم الثاني: باعتبار الزمن بين الجريمتين: ويقسم الى عود مؤبد وعود مؤقت

الأول/ يكون العود مؤبداً، بحيث يعتبر المُجرم عائداً، مهما مضى من الزمن على جريمته الأولى.

– والثاني/ يكون العود مؤقتاً، إذا مضى وقت معين على الجريمة الأولى، فلا يعتبر المجرم عائداً، إذا ارتكب جريمته الثانية، إلا بمرور فترة زمنية يحددها القانون.

القسم الثالث: باعتبار عدد الجرائم

وينقسم الى عود بسيط وعود متكرر.

الأول/ يعتبر الجاني عائدًا بسيطًا، في حالة وجود حكم سابق، تلاه ارتكاب الجاني لجريمة جديدة.

والثاني/ يعتبر الجاني عائدًا متكرر، إذا ارتكب جريمة جديدة بعد حكمين سابقين أو أكثر، في جريمتين سابقتين أو أكثر.

المحور الثاني: موقف التشريعات العربية:

أولا: النصوص القانونية:

نصّت التشريعات العربية على نظام العود في القسم العام في قوانينها العقابية، ومن أهم هذه التشريعات العقابية، القانون المصري من (م٤٩ – م٥١)، والقانون المغربي (الفصل ١٥٤ وحتى الفصل ١٥٩)، والقانون العراقي (١٣٩ – ١٤١)، والقانون الجزائري (م٥٣ – م٥٦)، والقانون الأردني (م١٠١ – م١٠٦)، تحت مسمى “تكرار الجريمة”، وقانون الجزاء الكويتي  (م٨٤ – م٨٦).

– ولابد من التأكيد، أن معظم هذه التشريعات، اتفقت على وضع نظام العود، في أبواب وفصول مستقلة، تناولت في مستهلها تعريفًا دقيقًا للعود، وحددت له شروط مضبوطة، وصور وانواع معينة، وبينت كيفية تطبيقة، كل ذلك، منعًا لاختلاف تفسيرات وتطبيقات المحاكم للعقوبة الجنائية. و نتيجة لذلك، تطرقنا سابقا لشروط نظام العود، وانواعه، وكيفية تطبيقة، والمتفق عليها بين التشريعات العقابية العربية، وفق ما جاء في المحور الاول المشار اليه سلفا.

ثانيا: تطبيق نظام العود:

اتفقت التشريعات العقابية العربية، على (جواز) تطبيقة من قبل القاضي، وليس على سبيل (الوجوب)، كما اتفقت، في حالة تحقق العود وثبوته أمام المحكمة، جاز للقاضى، أن يحكم بأكثر من الحد الأقصى المقرر للعقوبة في الجريمة نفسها، بشرط عدم تجاوز ضعف هذا الحد، وفي كل الأحوال، لا يحق تجاوز مضاعفة هذه العقوبة. وعلى العكس من ذلك، اختلفت التشريعات، في مسألة تحديد المدة الزمنية الفاصلة بين الجريمة الأولى والثانية، فالبعض حددها بنفس مدة الحد الأقصى للجريمة نفسها، والبعض الآخر حددها بسنة للمخالفات، وثلاث سنوات للجنح، وست سنوات للجنايات، فإذا لم تمض هذه المدد الزمنية، بعد انتهاء العقوبة في الجريمة الأولى و ارتكب الجاني جريمته الثانية، تحقق العود في وصفه، أما اذا مضت المدد الزمنية في الأولى قبل ارتكابه للثانية، سقط العود في وصف الجاني.

المحور الثالث: موقف المشرع اليمني:

لم يتطرق المشرع اليمني لنظام العود، كظرف مشدد للعقاب، ولم يفرد له باب أو فصل خاص، يتناول هذا النظام، من حيث معناه، وشروطه، وانواعه، وكيفية تطبيقه. ولامناص من القول، بأننا وجدنا أثناء بحثنا وتأملنا في نصوص التشريع العقابي، على بعض العبارات والألفاظ في القسمين العام والخاص، والتي توحي لمعنى العود، لكن الملاحظ أن هذه العبارات، جاءت على إطلاقها دون شروط، أو ضوابط، أو آليه واضحة تبين كيفية تطبيقه على أرض الواقع!! ومن هذه العبارات والأوصاف، التي تعتبر بمثابة ظرفًا مشددًا للعقوبة هي:

أولا: ما نصت عليه المادة (١٠٩ عقوبات)، على بعض الظروف المشددة للعقوبه، والذي يجب أن يراعيها القاضي عند تطبيق العقوبة، وذكر منها عبارة: (ماضي الجاني الإجرامي)، وتفسيرًا لهذة العبارة، فقد وجدنا أنها، لا تعبّر بالمعنى الدقيق لنظام العود، من حيث مفهومه، وشروطه، وانواعه، وضوابط تطبيقه، كما ذكرنا في الجزء الأول من هذه الدراسة، ولتوضيح ذلك، فإن المشرع لم يبين ما هو هذا الماضي الإجرامي، الذي يمكن اعتباره ظرفًا مشددًا عند تطبيق العقوبة؟ فهل مدته مفتوحة وغير محددة؟! وهل هذا الماضي مرتبط بمجرد ارتكاب الجاني لجريمة سابقه؟ أم يتطلب صدور حكم قضائي بشأن هذه الجريمة؟ وما ماهية هذا الحكم؟ وما هي درجته من حيث الحجية؟ وهل هو حكم بشأن جريمة عامة أم خاصة؟

ثانيا: ورد في الفقرة (٣) من المادة (١٠٦ عقوبات) عبارة نصها الأتي: “أن يشتهر الجاني على الاعتياد، في ارتكاب جرائم الاعتداء على النفس أو المال أو العرض”، ولعله من المفيد هنا، إزالة اللبس لدى القارئ، فالاعتياد غير العود، والتمييز بينهما واضح، فالعود حدد فيه أهم ضابط، وهو صدور حكم سابق نهائي أو بات في الجريمة الأولى، حتى نعتبر الجاني عائدًا في ارتكاب الجريمة، أما الاعتياد، فمعناه تكرار ارتكاب أكثر من جريمة، دون صدور حكم قضائي في إحدى هذه الجرائم. وبناءًا على ذلك، لا يمكن أن ينطبق مصطلح الاعتياد لفظًا ومعنى على مصطلح العود، فالفرق بينهما واضح وجلي!

ثالثا: ورد في القسم الخاص، في نص المادة (٢٣٤ عقوبات)، ضمن الظروف المشددة للعقاب في جريمة القتل العمد، قول المشرع: “أن يكون الجاني معروفا بالشر، أو سبق وان ارتكب جريمة قتل عمدًا”. وبطبيعة الحال، ينطبق تحليل هذا النص على تحليل نص المادة (١٠٩) المشار اليها سلفًا، فلم يحدد المشرع، كيف يعلم القاضي بأن الجاني معروف بالشر، أو سبق وان ارتكب قتلاً عمدًا؟؟ هل بشهادة شاهدين؟ أم بمجرد ارتكابه جريمة دون صدور حكم قضائي؟ أم أن الامر يستلزم صدور حكم قضائي بشأن هاتين الصفتين؟ وهل يستلزم أن يكون قطعي أم غير قطعي؟؟ وهل يتوجب على الجاني في هذة الحالة، ارتكابه أكثر من جريمة لانطباق صفة الشرّ عليه؟ وهل يفترض أن تمر فترة زمنية بين جريمته الأولى والثانية وما يليها؟ وهل يمكن أن تظل صفة الإجرام والشر سيفًا مسلطًا على الدوام؟ أم يفترض أن تبقى مؤقته بزمن محدد مع احتمالية توبته؟

رابعا: ومن الضروري الاشارة، أن المشرع اليمني، عاقب على العود في “جريمة الدياثة” (م٢٨٠ع)، حيث صرحت الفقرة الاخيرة بمعاقبة الديوث “رجلا كان أو امرأة” بالإعدام، اذا عادا ورضيا بالفاحشة على احدى اقربائهما.. لكن يظل السؤال مطروحًا، كيف سيطبّق القاضي التشدد في العقوبة في حالة العود، طالما ولم ينظم المشرّع نظام العود وشروطة وحالات؟!

وفي الاجمال، فإن ما ذكرناه من بعض النصوص القانونية، لا يمكن أن تكون بديلا عن نظام العود، بمفهومه ومدلوله الخاص، والمقيد وفق شروط، وانواع، وحالات واضحة وموحدة؛ لتطبيق التشدد في العقاب، وناهيك عن ذلك، أن تطبيق النصوص القانونية السابقة على إطلاقها، يثير الكثير من الاسئلة والاستفسارات كما تقدم، وتتطلب بالمقابل إجابات واضحة و محددة ومضبوطة، حتى لا تكون معايير التشدد في العقاب، عرضة لاجتهادات القضاة، بحسب الامزجة والاهواء، مخالفين بذلك مشروعية التجريم والعقاب، أعمالًا لمبدأ (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني)، وتماشيًا مع ما تم ذكره، وحرصًا على توحيد تطبيق العقاب والتشدد فيه، وحتى نبعث في الأخير، الثقة والطمأنينة في نظام العدالة الجنائية لدى نفوس المتقاضين، وفق ضوابط وشروط وآليات محددة، فمن البديهي، أن تنظم بنصوص صريحة وقاطعة في القانون، وهو ما يعرف “بنظام العود”؛ ليبقى مرجعًا للقضاة، في توحيد تفسير وتطبيق نصوص القانون.

خاتمة النتائج والتوصيات:

أولا: خلاصة النتائج:

إن فكرة العقوبة لا تحدد فقط على أساس الركن المادي للجريمة، وإنما تمتد إلى الركن المعنوي للجاني، والذي يكمن في خطورته الإجرامية، بحيث يعتبر إحدى المعايير الجوهرية لتقدير العقوبة المناسبة من طرف القاضي الجزائي، فكثيرا ما تظهر خطورة الجاني للإجرام، من خلال تكرار ارتكابه أكثر من جريمة، الأمر الذي يستوجب إحاطته بمعاملة خاصة، تختلف عن معاملة المجرم المبتدئ، وتأسيسًا على ذلك، يظل العود سبب شخصي للتشديد، لا ينتج أثره إلا فيمن توافر فيه، دون أن يتعدى أثره إلى غيره.

وفي نفس الصدد، إذا عدنا لواقع مجتمعنا اليمني، للمسنا عن قرب موجة الإجرام الخطيرة، والتي أصبحت تهدد يوميًا  أمن وسكينة المواطن، ويظهر ذلك جليًا من خلال واقع القضاء اليمني، الذي أصبح يشهد في الآونة الأخيرة إكتضاضًا كبيرًا بالقضايا والملفات الجزائية، تعود في مجملها لفئة العائدين للإجرام، الأمر الذي يقتضي معالجة ذلك من قبل المشرع اليمني؛ للحدّ قدر الامكان من تفشي الجرائم واستفحالها في المجتمع. وفي الإجمال، فإن أهمية تطبيق نظام العود، في التشريع العقابي اليمني، تكمن في أن المجرم الذي يعود إلى الإجرام ويصرّ عليه، دليل على أن العقوبة الأولى لم تردعه، ومن ثم، كان من المعقول، أن يتجه التفكير إلى تشديد العقوبة على العائد، شريطة أن يكون هذا العود منظمًا ومضبوطًا وفق شروط ومعايير محددة، ومذكورة بنص في القانون، وغير معروضة لاجتهادات المحاكم.​

ثانيا: التوصيات:

مما سبق ذكرة، نهيب ونقترح على المشرع اليمني، باستحداث فصل جديد في قانون العقوبات، يتناول فيه نظام العود، أو ما يطلق عليه “بتكرار ارتكاب الجريمة” كظرف مشدد، على أن يتم اعتبار الجاني عائدًا في ارتكاب الجريمة وفقا للحالات التالية:

١- بشأن العود الخاص والعام:

أ– يعتبر عائدًا، من حكم عليه نهائيا بجريمة جسيمة، وثبت ارتكابه لجريمة  جسيمة أو غير جسيمة أخرى بعد ذلك، بنفس النوع، أو مماثله لها، وقبل ردّ اعتباره قانونا.

ب– ويعتبر عائدًا، من حكم عليه نهائيا بجريمة جسيمة أو غير جسيمة، وثبت ارتكابه لجريمة جسيمة أو غير جسيمة اخرى، بنفس النوع، أو مماثلة للجريمة الأولى، أو غير مماثلة لها.

٢– بشأن العود البسيط والمتكرر:

– نوصي المشرع، إذا تكرر العود لأكثر من ارتكاب جريمتين أيًا كان نوعها، جاز للمحكمة أن تقرر اعتبار العائد، مُجرماً اعتاد على الإجرام، وفي هذه الحالة، تحكم المحكمة بإيداعه، إحدى مؤسسات العمل العسكرية المناسبة جبرا، مع دفع كافة مستحقاته المالية قانونا.

٣- بشأن العود المؤقت والدائم:

– نقترح أن ينص المشرع، على مدة زمنية تفصل بين الجريمتين، فإذا انقضت المدة، ولم تقع الجريمة الجديدة خلالها، فلا تكون الجريمة الأولى سابقة للعود، وبالتالي لا تخضع الثانية للتشديد.

٤- بشأن مقدار العقوبة:

– من المستحسن أن ينص المشرع، على جواز أن يحكم القاضي، في حالة تحقق وثبوت العود أمامه، بأكثر من الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا، بشرط عدم تجاوز ضعف هذا الحد. كما ندعو المشرع، أن يكون التشديد جوازي وليس وجوبي، وللمحكمة أن تكتفي بإصدار العقوبة دون تشديد، وفي ضوء ما تراه مناسبا لظروف وحالة الجاني. ولزيادة ايضاح الفقرات السابقة المذكورة، نؤكد على الاتي:

بشأن الفقرة الأولى:

أ – جرائم النوع الواحد، هي تكرار ارتكاب نفس الجريمة، ومثالها: تكرار ارتكاب جرائم السرقة لوحدها، أو ارتكاب جرائم الاغتصاب لوحدها، أو جرائم التزوير لوحدها… وهكذا.

ب – والجرائم المماثلة، هي جميع الجرائم الداخلة في تصنيف واحد في القانون، كارتكاب جرائم العلانية والنشر والسب والإهانة لوحدها، أو جرائم التزوير والتزييف لوحدها، أو الجرائم الماسة بالعرض لوحدها…

ج – أما الجرائم الغير مماثلة، فتعني ارتكاب أكثر من جريمة من تصنيفات مختلفة في القانون، كارتكاب جريمة سرقه، ثم ارتكاب جريمة اغتصاب، ثم جريمة تزوير، ثم ارتكاب جريمة مخدرات… وهكذا.

و بشأن الفقرة الثالثة:

من المستحسن، أن تكون المدة سنة للمخالفات، وثلاث سنوات للجرائم غير الجسيمة، وست سنوات للجرائم الجسيمة، على أن يبدأ احتساب المدة، من تاريخ انقضاء العقوبة في الجريمة الاولى، أو من تاريخ سقوطها لأي سبب كان، ومع هذا لا يجوز في كل الأحوال، أن تزيد مدة الحبس المشدد على خمسة وعشرين سنة.

أما  بشأن الفقرة الرابعة:

إذا كانت العقوبة المقررة الحبس سنه، جاز أن يحكم بالحبس الذي لا يتجاوز سنتين، وإذا كانت الحبس ثلاث سنوات، جازت المضاعفة بالحبس بمدة لا تتجاوز ست سنوات… وهكذا.

ولعله من المفيد، التأكيد على أن ما وضعناه من مقترحات وتوصيات، ستبقى حبرا على ورق، إذا لم يتم تفعيل وتحريك النصوص القانونية، والواردة ذكرها في الباب التاسع من قانون الإجراءات الجزائية، والمنظمة لأحكام بطاقة الحالة الجزائية، أو ما يطلق عليه “بصحيفة السوابق القضائية الجنائية”، حيث تناولت المواد (٤٠٧، ٤٠٨، ٤٠٩، ٤١٠) من القانون المذكور، أحكام أخذ البصمة والصور، وتدوين بيانات الجريمة، والحكم القضائي في بطاقة الحالة الجزائية.. كما تطرقت على ضرورة تضمين الاحكام القضائية اللاحقة، وكل تعديل يطرأ عليها، سواء بالالغاء، أو وقف تنفيذ الاحكام، أو العفو عنها.. كذلك صرحت المادة الاخيرة، على وجوب قيام النيابة بدورها الأساسي، واطلاع المحكمة على البطاقة الجزائية للمتهم الماثل امامها، قبل صدور حكم بالادانة. كما لا يفوتنا أن ننوه هنا، في حال عدم توافر بطاقة الحالة الجزائية، فهذا لا يعفي النيابة باعتبار أنها الجهة القانونية، التي تقع عليها عبئ اثبات العود، وذلك بإعلام القاضي بأن المتهم عائدًا للاجرام، ومدعمة أقوالها بنسخ أصليه،  أو طبق أصلية “على الأقل” من هذه الأحكام القضائية، والتي تحتوي على معطيات دقيقة، لا يمكن إنكارها من قبل قضاة الحكم، لاعتمادها في تطبيق قواعد العود على القضايا المعروضة أمامهم..

هذا اجتهادنا وتصورنا المتواضع، والله أعلم، وهو الموفق للصواب.

*عضو المحكمة العليا للجمهورية


اكتشاف المزيد من الصحيفة القضائية |

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

لا تعليق

اترك رد