حاورته / سحر الشعبي
في ظلّ تزايد الأصوات المطالبة بالشفافية والمساءلة، تبرز نيابة الأموال العامة في اليمن كحارس أمين على خزائن الدولة، متحديةً العقبات ومتسلحةً بالعدالة والقانون.
وإيمانًا بدورها المحوريّ في حماية المال العام ومكافحة الفساد، تجري صحيفة “القضائية” حوارًا حصريًا مع القاضي عبدالله سالم، رئيس نيابة الأموال العامة، لإلقاء الضوء على الجهود المبذولة في هذا المجال.
(إلى الحوار )
*نود من سيادتكم أن تقدموا لنا لمحة مقتضبة عن دور نيابة الأموال العامة، ومسؤولياتها في مكافحة الفساد ؟
أولا نرحب بك وبطاقم عمل صحيفة “القضائية” المتميز
ثانيا.. تعدّ نيابة استئناف الأموال العامة في العاصمة عدن خط الدفاع الأول عن ثروات الدولة، حيث تُناط بها مهمة استرداد الأموال والعقارات والأراضي التي تعرضت للاعتداء أو الاستيلاء ، من قبل جهات غير مشروعة.
وتتكون نيابة الأموال العامة من عدة شعب فرعية، لكل منها اختصاصه المكاني والنوعي، فنيابة الأموال الابتدائية اختصاصها المكاني: محافظة عدن، أما اختصاصها النوعي: التحقيق في قضايا الفساد المالي والإداري التي تقع في نطاق اختصاصها.
أما نيابة الجمارك والضرائب والأوقاف: اختصاصها المكاني: محافظة عدن، و اختصاصها النوعي: التحقيق في الجرائم المتعلقة بالجمارك والضرائب والأوقاف، بينما نيابة الآثار ، اختصاصها المكاني: الجمهورية اليمنية، واختصاصها النوعي: التحقيق في الجرائم المتعلقة بالآثار وتهريبها.
و تشرف نيابة استئناف الأموال العامة على عمل نيابات الأموال الابتدائية والآثار والجمارك والضرائب والأوقاف.
وتعتبر نيابة الأموال العامة ركيزة أساسية في منظومة مكافحة الفساد ، وتساهم بشكلٍ فاعل في استرداد الأموال والعقارات المنهوبة، و احالة مرتكبي جرائم الفساد إلى القضاء.
ومن أهم القضايا التي تختص بها نيابة الأموال العامة تتمثل بقضايا الاستيلاء على عقارات وأراضي الدولة ، قضايا التعدي على أموال الدولة ، قضايا الرشوة والاختلاس، فضلا عن قضايا التهرب الضريبي و الجمركي.
*ما هي الأهداف الاستراتيجية التي تضعها نيابة الأموال العامة في عدن لضمان حماية المال العام؟ وكيف تسعى لتحقيقها ؟
تعمل نيابة الأموال العامة في عدن على وضع مجموعة من الأهداف الاستراتيجية الرامية إلى ضمان حماية المال العام ، و تتمثل هذه الأهداف في القضاء على الجرائم التي تستهدف أموال الدولة، وتشمل جهودها في هذا السياق مكافحة كافة الأفعال الإجرامية التي قد تلحق الضرر بالموارد المالية الوطنية.
ومع ذلك، تواجه النيابة تحديات ملموسة، أبرزها غياب الشرطة القضائية المتخصصة، التي ينبغي أن تكون مسؤولة عن متابعة وتنفيذ الأحكام القضائية ، فالنيابة تصدر تعليمات واضحة في هذا الإطار، لكنها غالبًا ما تفتقر إلى الآليات العملية لتطبيقها على أرض الواقع، مما يعيق جهودها في تحقيق أهدافها الاستراتيجية.
إنجازاتٌ ملموسةٌ في مكافحة الفساد
*كيف تقييم النيابة للحالة الراهنة للأموال العامة، ومالتحديات الرئيسية التي تواجهه في مكافحة الفساد؟
في تقييمها للوضع الحالي لنيابة الأموال العامة وجهود مكافحة الفساد، أشار القاضي عبدالله سالم رئيس نيابة الأموال العامة ، إلى النيابة شهدت تحسن ملحوظ في الفترة الأخيرة، خاصةً بعد تولي القاضي قاهر مصطفى منصب النائب العام ، الذي سعى إلى تقديم ،المساعدة والدعم بسخاء.
وبين القاضي عبد الله أن نسبة إلانجاز خلال الفترة الماضية من العام الجاري، بلغت 90% ، وهي زيادة ملحوظة مقارنةً بالأعوام السابقة ، فقد تمت معالجة القضايا القضائية وإحالتها إلى المحاكم بكفاءة وسرعة، وصدرت الأحكام ،ونُفذت دون تأخير أو معوقات ، يعكس هذا التقدم إلى الرقابة الدؤوبة من النائب العام والإشراف الفعّال لنيابة الأموال العامة والمحامي العام لنيابات الأموال العامة في الجمهورية.
*ما هي الإنجازات التي حققتها نيابة الأموال العامة في مجال مكافحة الفساد واستعادة الأموال المختلسة؟
تمكنت نيابة الأموال العامة من تحقيق إنجازات ملموسة في مجال مكافحة الفساد واسترداد الأموال المختلسة، حيث تشير السجلات المالية إلى سلسلة من الإجراءات الناجحة التي تمت في الآونة الأخيرة. على الرغم من أن الذاكرة لا تسعفني لذكر كل التفاصيل، إلا أنه يمكنني التأكيد على أن النيابة قد أحرزت تقدمًا كبيرًا مقارنة بالماضي، حيث كانت التحقيقات في قضايا الفساد تظل دون نتائج ملموسة.
في الفترة الأخيرة، شهدنا استرداد أموال طائلة لخزينة الدولة، وذلك بفضل الأحكام القضائية التي صدرت والتي أعادت الحياة لملفات كانت مُهملة في أدراج المحاكم. من الأمثلة البارزة على ذلك، قضية مبنى سكن الطالبات في معهد أمين ناشر، حيث تم تقديم المتهمين للعدالة وصدر حكم بإخراج المقتحمين وتسليم المبنى. كما صدر حكم بشأن العمارة التابعة لوزارة التأمينات والمعاشات، وتم استرداد مبالغ مختلسة من البنك الأهلي، حيث تم تحرير سندات قبض وتسليمها للبنك .
استراتيجيات نيابة الأموال العامة في مواجهة الفساد
*كيف تدير نيابة الأموال العامة القضايا الكبيرة المتعلقة بالفساد مثل غسيل الأموال والفساد المالي, وما هي السياسات المطبقة لكفالة تحقيق العدالة؟
لاتقع هذه القضايا الكبيرة ، المتعلقة بالفساد مثل غسيل الأموال ،من اختصاص نيابة الأموال العامة ، ففي سياق التطورات الأخيرة، تم تأسيس نيابة الأموال العامة الثانية المتخصصة في مكافحة الفساد، والتي تُعنى بشكل خاص بالقضايا المعقدة لغسيل الأموال. تتمتع هذه النيابة بالاختصاص النوعي للتعامل مع هذه القضايا، وتحت إشراف شعبة غسيل الأموال التي تم إنشاؤها في مكتب النائب العام .
*في ظل تزايد الحديث عن ضرورة مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، يطرح البعض تساؤلات حول غياب ملاحقة المسؤولين المتورطين في قضايا فساد ونهب المال العام خلال السنوات الماضية؟ .. فما هو تعليقك حول هذا الجانب؟
هناك الكثير من الأحاديث المتداولة ليس لها أي اساس من الصحة ، و لا تستند إلى دليل موثوق، فالعديد من المواقع الإخبارية والصحف تنشر أخبارًا لا تمت للحقيقة بصلة.
فالنيابة العامة تتولى التحقيق في القضايا التي يتم تسليمها للنيابه ، أو المبلغ عنها من قبل المواطنين، وذلك بالتعاون مع الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بناءً على توجيهات النيابة ، فمؤخرًا، أُثيرت قضايا عديدة تم إبلاغ النيابة بها، منها ما يتعلق بإصدار مدراء عموم المديريات لسندات مالية غير رسمية ، وعلى إثر ذلك، تم استدعاء المدراء للاستفسار عن هذه الأمور، وقد قدموا توضيحاتهم التي بناءً عليها، أُوكل إلى الجهاز المركزي مهمة التحقيق وإعداد تقرير مفصل.
وفي سياق متصل، هناك وسائل إعلامية تنشر أخبارًا دون تحقق، كما حدث مع إحدى الصحف التي اتهمت مسؤولين بتهريب الآثار دون أدلة تثبت صحة الاتهامات، مما أدى إلى حفظ القضية لعدم كفاية الأدلة.
ومن على منبر الصحيفة ” القضائية “أود التنويه للقراء ، بأن من مهام نيابة الأموال العامة محاسبة الشخصيات العامة حتى درجة وكيل ،فهناك قانون لشاغلي الوظائف العليا ، فاليوم هناك من يريد تعديل او الغاء هذا القانون ، لكونه يستثنى محاسبة من يمتلك درجة نائب وزير ، ومن هم أعلى درجات .
وقد تم بالفعل استدعاء عدد من الوكلاء والمسؤولين للتحقيق معهم، وإحالة المتهمين الذين ثبت ادانتهم إلى المحكمة.
اليات التعاون بين نيابة الأموال العامة والمؤسسات المالية العالمية
*هل هناك تعاون بين نيابة الأموال العامة مع المؤسسات المالية الدولية، وكيف يتم هذا التعاون؟
نعم تتعاون النيابة العامة بشكل فعّال مع مختلف الهيئات الحكومية على الصعيد المحلي، بما في ذلك الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والبنك المركزي اليمني، واللجنة المالية لمكافحة غسيل الأموال، لضمان تطبيق القانون وحماية النظام المالي.
أما بالنسبة للتعاون الدولي، يتم التواصل مباشرةً من خلال النائب العام مع السفارات والمؤسسات المختصة في الدول الأخرى. يُعد هذا التعاون ضروريًا، خاصةً في قضايا الآثار ومكافحة تهريبها، وكذلك في مسائل استرداد الأشخاص الفارين من العدالة.
اجراءات النيابة العامة في ملاحقة قضايا الفساد
*تناقلت العديد من المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي معلومات تفضي بإصدار نيابة الأموال العامة قرارات منع سفر بحق عدد من المتهمين بقضايا فساد، وحرصا منا في صحيفة القضائية، على إيصال المعلومات الدقيقة للجمهور، نلتمس منكم بالتكرم بتوضيح لنا حول صحة هذه المعلومه؟
نعم هناك قرارات صدرت من نيابة الأموال العامة تقضي بمنع الهيئة العليا للأدوية وجميع الهيئات الإدارية التابعة لها من السفر، نظراً لتورطها في قضية تتعلق بالتلاعب في تحصيل الرسوم وتعطيل الإجراءات القانونية بمحكمة الأموال العامة ، فضلا عن وجود قضية أخرى قيد التحقيق تشمل مسؤولين رفيعي المستوى، قد يصل بعضهم إلى مرتبة وزير ، ومن المتوقع أن يتم تقديم أسمائهم إلى النائب العام بشكل مباشر ، لاتخاذ الإجراءات اللازمة ، لكوننا في نيابة الأموال العامة ، مثل مااسلفت بالقول سابقا أنه لا يمكننا محاسبة من يشغلون مناصب عليا في الدولة .
واكد القاضي عبدالله بأن النيابة قد أصدرت مؤخراً قراراً آخر ، يمنع أحد كبار المتنفذين في مجال الأراضي من السفر، وقد تم تعميم هذا القرار على جميع المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية لضمان تنفيذه ، ومحاربة الفساد وحماية المال العام.
تطلعات نيابة الأموال العامة لتحقيق الكفاءة التكنولوجية
*برايك اين يكمن دور التكنولوجيا في تحسين أداء نيابة الأموال العامة وخططها المستقبلية للإفادة من التقنيات الحديثة؟
قبل عام 2014، كان هناك توجه عام لنيابة الأموال العامة، ببدء مسيرة التحول الرقمي بتبني نظام إلكتروني وتطوير برنامج خاص لإدارة الملفات القضائية.
واليوم، يشهد مكتب النائب العام تأسيس مركز معلومات مزود بقسم لتقنية المعلومات ومكافحة الجرائم المعلوماتية، والذي يقف على أعتاب الافتتاح.
نتمنى أن تُولي الجهات المعنية، بما في ذلك النائب العام ومجلس القضاء الأعلى، اهتمامًا خاصًا بنيابة الأموال العامة، مُعززين دورها الحيوي كواجهة للدولة، ومُستفيدين من التقنيات الحديثة لتعزيز كفاءتها وفعاليتها في المستقبل.
*كيف يمكن للمواطنين المساهمة في دعم مساعي نيابة الأموال العامة للحفاظ على المال العام؟
تعد مساهمة المواطنين في دعم جهود نيابة الأموال العامة أمر مهم للحفاظ على المال العام. يمكن للمواطنين القيام بدورهم من خلال الإبلاغ عن أي حالات فساد ، بالإضافة إلى التزامهم بالقوانين تمثل ركيزة أساسية لتعزيز النزاهة.
ونحث المواطنين على استخدام القنوات الرسمية للتواصل مع النيابة وتقديم أي معلومات قد تساعد في التحقيقات. بالإضافة إلى ذلك، ندعوهم لدعم الإصلاحات القانونية والتنظيمية التي تهدف إلى تحسين الإدارة المالية والحد من الفساد.
*ماهي الرسالة التي تريد بثها نيابة الأموال العامة إلى العموم حول أهمية الحفاظ على المال العام ؟
ندعو كل مواطن إلى أن يكون شريكًا في هذه المسؤولية، من خلال الإبلاغ عن أي مخالفات ودعم جهود النيابة في مكافحة الفساد ، فالحفاظ على المال العام ليس مسؤولية النيابة وحدها، بل هو واجب وطني يقع على عاتق كل فرد منا.
اكتشاف المزيد من الصحيفة القضائية |
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
لا تعليق