رئيس محكمة استئناف محافظة الضالع القاضي علي الحصيني لـ”القضائية”: نعمل على تعزيز النزاهة والرقابة لضمان عدالة فاعلة


المقدمة

تُعَدُّ محافظة الضالع إحدى المحافظات الحيوية في جنوب البلاد، لما لها من أهمية جغرافية وتاريخية واجتماعية، ولما تواجهه من تحديات على المستويات الأمنية والقضائية والخدمية، وفي قلب هذه التحديات يبرز دور السلطة القضائية، التي تعمل على ترسيخ مبدأ سيادة القانون، وبسط العدالة، وحماية الحقوق والحريات.

أجرت صحيفة القضائية هذا الحوار مع فضيلة القاضي علي الحصيني، رئيس محكمة استئناف المحافظة، للوقوف على واقع القضاء في محافظة الضالع، فتحدث بصراحة عن إنجازات المحكمة والتحديات التي تواجهها، وعن رؤيته لتعزيز دور القضاء، وموقعه في خارطة الإصلاحات الوطنية.. إلى نصّ الحوار:

حوار – منصور نصر

السؤال الأول: كيف تقيم الوضع القضائي بمحافظة الضالع؟
نرحب في البداية بصحيفة القضائية أجمل ترحيب، وأعني بذلك القائمين عليها؛ لإتاحة الفرصة لنا للوقوف على أوضاع السلطة القضائية، وتسليط الضوء على الأوضاع التي يعيشها منتسبو السلطة القضائية، بوصفهم جزءًا أصيلًا لا يتجزأ من هذا المجتمع، الذي يعاني من ظروف صعبة، جراء الحرب المستمرة في البلاد، والتي ألقت بكاهلها على حياة الناس، وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، إلَّا أنَّ الأوضاع قد تحسنت في ظل قيادة مجلس القضاء الأعلى الذي بذل جهدًا لا يستهان فيه، من أجل إصلاح المنظومة القضائية والمعيشية لمنتسبي السلطة القضائية، وإن شاء الله، وبجهود جميع أعضاء مجلس القضاء سيتم الوصول إلى ما تصبو إليه السلطة القضائية، وحتى ينال الجميع حقوقهم، ويتمُّ إنجاز قضايا المواطنين، يجب علينا الوقوف مع المجلس لا أن يتمَّ إرباك العمل القضائي من خلال الإضراب أو الوقفات الاحتجاجية، فالمجلس يخوض حوارات مع المجلس الرئاسي ومجلس الوزراء، ويعمل على توفير الإمكانات اللازمة وفقًا للواقع والظرف العام.


وعودةً لسؤالك، فإنَّ مسار السلطة القضائية في محافظة الضالع، قد تعرض لهزَّات في أثناء حرب عام 2015م، إذ كانت زلزالًا مدمرًا للبنية التحتية، وذلك بتدمير بعض المباني، ونهب الأثاث الخاصَّة بالمحاكم، والأجهزة والمعدات، وإنَّ غياب سيادة القانون، وتعطيله خلال السنوات الماضية نتج عنها فوضى عارمة، وفقدان الأمن المجتمعي والإنساني، وفي تلك الأثناء جعلت السيطرة لقانون الغاب، بما يوجد من التنوع في التيارات والقوى في المجتمع، ونتج عن ذلك وضعٌ جديدٌ أفرزته الحرب، وغيبت أجهزة إنفاذ القانون، إلَّا أنَّ الحنكة التي يتمتع بها فضيلة القاضي محسن يحيى طالب، الذي كان سابقًا رئيس محكمة استئناف محافظة الضالع قد أدَّت إلى عقد عدة لقاءات مع جميع القوى والسلطة المحلية والأمنية في المحافظة، خلال تلك المدة ما بين عام 2015 و2016م، حيث كان التوافق سائدًا فيما بين تلك القوى بالمحافظة؛ لتقوم السلطة المحلية في المحافظة ببدء إصلاح ما خربته الحرب، والإسهام في تفعيل السلطة القضائية بالمحافظة؛ لتكون السباقة في استتباب الأوضاع، وتطمين المواطنين على حقوقهم ودمائهم وأعراضهم، وقد استمر الإصلاح القضائي لما بعد التغيير الذي تمَّ في أجهزة السلطة القضائية، وبالأخص قرار مجلس القيادة الرئاسي بتشكيل مجلس القضاء الأعلى برئاسة فضيلة القاضي العلامة محسن يحيى طالب، وتعيين فضيلة القاضي العلامة بدر أحمد عبدة العارضة وزيرًا للعدل، اللذين أوليا اهتمامهما بمحكمة استئناف محافظة الضالع، بالمعدات والأثاث اللازمة التي أسهمت إسهامًا فاعلًا، كما بذل القضاة والموظفون جهودًا كبيرةً في إنجاز القضايا بصورة منتظمة وفاعلة، ونحن نتطلع من سيادة فضيلة القاضي العلامة بدر العارضة وزير العدل، إلى المزيد من الدعم لمحكمة الاستئناف، وبقية المحاكم، بالمعدات والآلات التصويرية والكمبيوترات والأثاث للمحاكم الابتدائية.

السؤال الثاني: نودُّ أن نتعرّف منكم على طبيعة المهام التي تضطلع بها محكمة الاستئناف في محافظة الضالع، وما يميز عملها عن المحاكم الابتدائية؟
الجواب: محكمة الاستئناف في محافظة الضالع، هي المرجعية القضائية الثانية بعد المحاكم الابتدائية، فهي تنظر في الطعون الاستئنافية المقدمة ضد الأحكام والقرارات الصادرة من تلك المحاكم، سواء في القضايا الجنائية أو المدنية أو الشخصية أو الأموال العامة، كما تضطلع بمهام إدارية وإشرافية، حيث تشرف على سير العمل في المحاكم الابتدائية بالمحافظة، وتتابع أداء القضاة والموظفين، وتعمل على توحيد التوجهات القضائية بما يحقق العدالة، ويضمن عدم تضارب الأحكام.
وما يميز عملنا أنَّ الاستئناف ليس مجرد إعادة نظر شكلية، بل هو ضمانة أساسية للعدالة، إذ يتيح للخصوم فرصة ثانية لإثبات حقوقهم أو الاعتراض على ما يرونه مخالفًا للقانون، وبالتالي يعزز ثقة المواطن في أنَّ العدالة لا تتوقف عند حكم ابتدائي، قد يشوبه خطأ أو قصور، بل هناك درجتين للتقاضي ابتدائي واستئناف، علمًا أنَّ محكمة الاستئناف محكمة موضوع فيما هو مخول لها قانونًا، حيث يمكن للمستأنف تقديم أدلته أمام محكمة الاستئناف التي لم يسبق له تقديمها أمام المحكمة الابتدائية.

السؤال الثالث: ما أبرز الإنجازات التي حقَّقتها محكمة الاستئناف خلال العامين الماضيين؟
الجواب: الإنجازات كثيرة ولله الحمد، من أبرزها تسريع الفصل في القضايا العالقة، والحدّ من التراكمات التي كانت تشكّل هاجسًا للمواطنين، حيث تمكنَّا من تقليص نسبة كبيرة من تلك القضايا، وتمكنَّا أيضًا من إدخال آليات جديدة للرقابة على الأداء الإداري داخل المحاكم الابتدائية، ونجحنا في تفعيل دور الرقابة والتحقيق الداخلي، وهو ما ساعد على ضبط الأداء، وتحسين مستوى العمل.
كذلك نسعى إلى إطلاق مبادرات للتوعية المجتمعية بأهمية اللجوء إلى القضاء بدلًا من الأعراف غير القانونية، وهو ما سينعكس إيجابًا في الحدِّ من النزاعات القبلية، فهذه المبادرات يجب أن تنفذ بالشراكة مع نقابة المحامين، وبعض منظمات المجتمع المدني، وفئات المجتمع كافة، حتى تسهم في تغيير نظرة المجتمع تجاه القضاء.

السؤال الرابع: هناك من يتحدث عن بطء في إجراءات التقاضي، ما تعليقكم؟
الجواب: البطء في الإجراءات ليس أمرًا خاصًا بالضالع فحسب، بل هو مشكلة عامة تواجه معظم المحاكم في البلاد، والسبب يعود غالبًا إلى تراكم القضايا، وقلّة عدد القضاة مقارنة بحجم العمل، فضلًا عن التعقيدات الإدارية أحيانًا مثل تأخر التبليغات أو عدم حضور الخصوم، وفي محكمة الاستئناف بالضالع، حاولنا تقليص المدد الزمنية عبر توجيه القضاة بالالتزام بالمواعيد، ومنع التأجيلات غير المبررة، وتفعيل الرقابة الإدارية، ومع ذلك، يبقى الدعم اللوجستي، وتعيين المزيد من القضاة والموظفين، هو الحل الجذري لهذه المشكلة، فضلًا عن إدخال الأنظمة الإلكترونية، التي يمكن أن تختصر كثيرًا من الوقت.

السؤال الخامس: كيف تتعاملون مع القضايا الجنائية الكبرى، ولاسيما تلك المرتبطة بالقتل أو الإرهاب أو المخدرات؟
الجواب: هذه القضايا نتعامل معها بمنتهى الجدّيَّة، ونحرص على أن تسير إجراءاتها وفق القانون دون تأخير.. لدينا تنسيق مباشر مع النيابات العامة والأجهزة الأمنية؛ لضمان إحضار المتهمين والشهود، وتأمين المحاكمات، كما أن هذه القضايا تحظى بأولوية نظرًا لما تمثّله من خطورة على المجتمع، وفي بعض الحالات يتمُّ توفير إجراءات أمنية استثنائية، كعقد الجلسات في مقرَّات محصنة أو في أوقات محددة لضمان سلامة القضاة والأطراف، وهنا فيما يخصُّ قضايا القتل أمَّا قضايا الإرهاب فإن المحكمة المختصَّة للنظر فيها، هي المحكمة الجزائية المتخصّصة.
إنَّ الرسالة التي نبعثها واضحة: العدالة لا تتهاون مع هذه الجرائم التي تهدد أمن المجتمع واستقراره.

السؤال السادس: هل يواجه القضاء في الضالع تدخلات من أيّ جهة تعرقل سير العدالة؟
الجواب: نحن لا نسمح أبدًا بأي تدخلات سواء من أطراف نافذة أو جهات ذات مصالح، ونقف بحزم أمام أيّ محاولة، فالقضاء في الضالع أثبت أنَّه مؤسسة مستقلة، ونجحنا في كثير من الحالات في فرض هيبة القانون ومنع أي محاولات للتأثير على مجريات القضايا أو التأثير على القضاة.
ورسالتنا، في هذا الجانب، واضحة: لا أحد فوق القانون، وأيّ تدخل لا مكان له في قاعات المحاكم.. استقلال القضاء ليس شعارًا نرفعه، بل ممارسة يومية نحميها بإصرار.

السؤال السابع: ماهي أبرز التحديات الإدارية واللوجستية التي تواجه عمل المحكمة؟
الجواب: إنَّ أبرز التحديات التي تواجهنا تتمثل بأنَّ جميع مباني محكمة الاستئناف والمحاكم التابعة لها مستأجرة من القطاع الخاص ما عدا محكمة قعطبة الابتدائية التي هي تابعة لوزارة العدل، وفي حرب عام 2015م تمَّ تدمير جميع الكمبيوترات والطابعات والأدوات ذات القيمة ونهبها، فقد كانت محكمة الاستئناف شبه خالية من المستلزمات، وقد قام رئيس محكمة استئناف الضالع الأسبق فضيلة القاضي العلامة محسن يحيى طالب، بمجهود كبير من أجل توفير كمبيوترات وطابعات لتيسير العمل، وفي عام 2023م رفد معالي وزير العدل فضيلة القاضي بدر العارضة، محكمة الاستئناف بجميع الأثاث والمعدات اللازمة ولله الحمد، ونأمل من معالي وزير العدل التكرّم باستكمال تأثيث بعض المحاكم الابتدائية، التي هي بحاجة ماسة إلى التأثيث، كمحكمة الأزارق الابتدائية ومحكمة جحاف الابتدائية، وتوفير بعض المعدات والكمبيوترات والطابعات لبقية المحاكم، وفي هذا المقام يجب أنَّ أنوه إلى أنَّ متابعات رئيس محكمة استئناف الضالع السابق فضيلة القاضي العلامة محسن يحيى طالب، الذي هو رئيس مجلس القضاء الأعلى حاليًا، قد تكلّلت بصرف مساحة أرض من أراضي الدولة لبناء مجمع قضائي، كما قمنا برفع مذكرة إلى وزارة العدل لوضع مشروع بناء السور من ضمن مشاريع الوزارة، وكذا العمل على إيجاد تمويل أو دعم من المنظمات الدولية لبناء المجمع، وإن شاء الله نتوفق في أحد الاتجاهين، وكذلك هنا نقص في الكادر الإداري، كما أنَّ هناك تعميمًا من مجلس الوزراء صادر إلى جميع الوزارات والمرافق والهيئات الإدارية بعدم التوظيف، وهذا ما أدَّى إلى توقف التوظيف، وبالتالي عدم وجود الكادر الذي يمكن أن يسرع في إنجاز الأعمال الملقاة على عاتق محكمة الاستئناف والمحاكم التابعة لها، وبإذن الله يكون هناك حل في المستقبل القريب.

السؤال الثامن: هل هناك إحصائيات تقريبية عن عدد القضايا التي نظرتها محكمة الاستئناف والمحاكم الابتدائية التابعة لها خلال المدّة الأخيرة؟
الجواب: نعم، على سبيل المثال خلال العام القضائي 1446هـ كان إجمالي القضايا الواردة لمحكمة الاستئناف والمحاكم التابعة لها بالمحافظة قد بلغ (5639) قضية، فتمَّ النظر في نحو (2165) قضية، بينما بلغ عدد القضايا التي لا يزال النظر فيها (3474) قضية، هذه الأرقام تعكس حجم العمل الكبير الذي تقوم به المحاكم، وكذلك ما تواجهها في محافظة مثل الضالع ذات كثافة سكانية كبيرة، كما أنَّ سبب التعثر في إنجازاتها قلّة القضاة، ولاسيما الأعضاء في الشعب الاستئنافية، ومحكمة الضالع الابتدائية، ومحكمة الحصين الابتدائية.

السؤال التاسع: ما تقييمكم لدور النيابات العامة في مساندة عمل القضاء بالمحافظة؟
الجواب: النيابات العامَّة شريك أساسي لنا في تحقيق العدالة، والتعاون بيننا قائم ومستمر، وهناك تنسيق في القضايا المهمة، لاسيما الجنائية منها، وصحيح أنَّ هناك بعض الصعوبات أحيانًا في تأخر إنجاز ملفات التحقيق، لكن بالمجمل النيابات تؤدي دورها بفاعلية، ونحن نعمل معًا بوصفنا منظومةً واحدةً، فلا يمكن للقضاء أن يعمل بمعزل عن النيابة، مع وجود التفاهم بين رئيس محكمة استئناف الضالع ورئيس نيابة الاستئناف في المحافظة، وعقد اللقاءات بشكل مستمر؛ لتذليل الصعوبات أمام قضاة المحاكم ووكلاء النيابات، حتى يتجاوزوا أيّ إخفاقات.

السؤال العاشر: ما هي رسالتكم للمتقاضين الذين قد يشعرون بعدم الرضا عن بعض الأحكام؟
الجواب: رسالتي واضحة: القضاء بشري، قد يخطئ وقد يصيب، لكن القانون كفل للجميع حق الطعن بدرجاته المختلفة، سواء بالاستئناف أو النقض، وعلى المتقاضين أن يكون سلكهم مسلكًا حضاريًا عند التعامل مع القضاة في قضاياهم، ويكون مسلكهم بما يتوافق مع ما ينصُّ عليه قانون المرافعات، والتنفيذ المدني برقم 40 لسنة 2002م، وما نصّ عليه قانون الإجراءات الجنائية لعام 1994م.
وأقول للمواطنين: لا تلجؤوا للوساطات أو الطرق غير القانونية، ثقوا بأن حقوقكم ستصل إليكم عبر القضاء، وإن تأخرت أحيانًا. الطريق القانوني قد يكون أطول قليلًا، لكنَّه أكثر أمانًا، وأضمن للحقوق.

السؤال الحادي عشر: كيف تتعاملون مع القضايا المتعلقة بالأراضي والعقارات، وهي من أبرز أسباب النزاعات في الضالع؟.
الجواب: قضايا الأراضي من أعقد الملفات لدينا، نظرًا لتداخل الوثائق، وكثرة النزاعات التاريخية، التي تعود لعقود طويلة، بل إن بعضها ورثته الأجيال.. كثير من النزاعات تنشأ بسبب بيع الأرض الواحدة أكثر من مرة، أو استخدام وثائق مزورة.
وللتعامل مع هذا التعقيد، وضعنا آلية خاصة بذلك.. كما نعمل على التنسيق مع مصلحة الأراضي والجهات ذات العلاقة لتوحيد المرجعيات، والحدّ من تضارب الأحكام، كما نؤكد أن بعض الشخصيات الاجتماعية والقبلية والمدنية، تسهم في حلّ كثير من القضايا الخاصَّة بالأراضي المملوكة ملكية خاصَّة، وذلك بتحكيمهم من قبل بعض الأطراف وفقًا لقانون التحكيم.
نحن نؤمن أن تسوية هذه القضايا ستسهم كثيرًا في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي؛ لأنَّها تمثل واحدة من أبرز مسببات النزاعات في المحافظة، وأحيانًا نحن نعمل على منع النزاعات بين المواطنين قبل أن يصل الأمر إلى القتل، وهذه الظاهرة يجب أن يحكمها التعقل، وكذا الفصل السريع في هذه القضايا حتى لا تتعقد، ومن أجل أن تهدأ النفوس.

السؤال الثاني عشر: ما هو تقييمكم لمدى ثقة المواطن في القضاء بالضالع؟
الجواب: أستطيع القول إنَّ الثقة آخذة في الارتفاع، رغم كل التحديات.. المواطن بدأ يدرك أنَّ القضاء، هو الضامن الوحيد لحقوقه، وأنَّ البدائل الأخرى مثل الأعراف القبلية أو الوساطات قد توفر حلولًا مؤقتةً لكنَّها لا تحقق العدالة المستدامة.
مهمتنا أن نعزز هذه الثقة من خلال نزاهة القضاة، وسرعة الفصل في القضايا، وأيضًا من خلال الشفافية في الإجراءات؛ لأن العدالة لا تكفي أن تتحقق بل يجب أن يراها الناس تتحقق.

السؤال الثالث عشر: ما الخطوات التي تتخذونها لتعزيز النزاهة، ومنع الفساد داخل الجهاز القضائي؟
الجواب: لدينا إدارة رقابة وتفتيش داخلي، كما نتعاون مع هيئة التفتيش القضائي على مستوى مجلس القضاء الأعلى، ونتابع أي بلاغات ترد إلينا بجدية، ونتخذ إجراءات رادعة بحقّ من يثبت تورطه.
نحن نؤمن أنَّ القضاء إذا أصابه الفساد فقد رسالته، ولهذا فإنَّ النزاهة بالنسبة لنا خط أحمر.. وقد ثبتت لدينا حالات محدودة تم التعامل معها بكل صرامة؛ ليبقى الجهاز القضائي نظيفًا وموثوقًا، وتلافيه نهائيًا من خلال التوجيهات والإجراءات من مجلس القضاء الأعلى، والتفتيش القضائي.

السؤال الرابع عشر: كيف ترون دور القضاء في الإسهام بالاستقرار العام في محافظة الضالع؟
الجواب: الاستقرار لا يمكن أن يتحقق من دون عدالة، والقضاء هو صمام الأمان في أيّ مجتمع.. عندما نطبق القانون بحزم، ونمنح كل ذي حقّ حقّه، فإنَّنا نقطع الطريق على الفوضى والجشع، وكان للقضاء في الضالع دور بارز في احتواء كثير من النزاعات، التي كان يمكن أن تتطور إلى صراعات دامية.. وقد لعبت المحاكم دورًا مهمًا في تهدئة الأوضاع الاجتماعية عبر أحكام عادلة ساعدت على وأد الفتن، وكذا دور بعض الشخصيات الاجتماعية الذين لعبوا دورًا لا يستهان فيه من خلال لجان التحكيم، وإصدارها عدد من أحكام التحكيم حيث إنَّ أكثرها يتمُّ تأييدها من قبل محاكم الاستئناف، والمحكمة العليا.

السؤال الخامس عشر: ما أبرز القضايا الاجتماعية التي برزت في الضالع مؤخرًا، وكيف تعامل معها القضاء؟
الجواب: من أبرز القضايا التي برزت مؤخرًا فضلًا عن قضايا الأراضي النزاعات الأسرية وقضايا الأحوال الشخصية، لاسيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي فاقمت من المشاكل بين الأزواج والعائلات، وتعاملنا معها بروح من التوازن، بحيث نطبق القانون، ونراعي البعد الإنساني.. كما ظهرت قضايا مرتبطة بالمخدرات وتعاطي الشباب، وهذه نواجهها بالتعاون مع الأجهزة الأمنية عبر أحكام رادعة، وتدابير إصلاحية.

السؤال السادس عشر: هل هناك خطط لتطوير البنية التحتية للمحاكم في المحافظة؟
الجواب: نعم، هناك تواصل دائم مع وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى، من أجل العمل على هذا الملف المهم، ولكن واقع بلادنا اليوم يكشف صعوبة هذا الأمر حاليًا، ولكنَّنا نأمل في المستقبل العمل على إنشاء مقرَّات جديدة لبعض المحاكم، فنحن بحاجة ماسة إلى مبانٍ مؤهلةٍ؛ لأن المباني الحالية في كثير من الأحيان مستأجرة أو لا تليق بعمل القضاء، ولا توفر البيئة الملائمة للقضاة والمتقاضين، علمًا أنَّ الوزارة لا تملك إلا مبنى محكمة قعطبة الابتدائية فقط وباقي المباني مستأجرة، وقد استطعنا بفضل الله، وبالتعاون مع مكتب الأراضي، من الحصول على عقود أراضي للمحاكم الابتدائية في المديريات، واستخراج عقد لأرضية المجمع القضائي.

السؤال السابع عشر: ما هي أولوياتكم في المرحلة المقبلة بصفتك رئيسًا لمحكمة الاستئناف في الضالع؟
الجواب: أولوياتي هي: تعزيز النزاهة والشفافية، وتقليص مدد التقاضي، والسعي إلى تطوير البنية التحتية، وضرورة تطوير العمل القضائي والإداري في المحاكم وفقًا لما هو متوافر من إمكانيات، وكذا توسيع قنوات التواصل مع المجتمع، وهناك أيضًا موضوع التأهيل والتدريب، حيث يُعدُّ هذا من أهم المتطلبات في المستقبل القريب؛ لأنَّ الكادر البشري هو أساس نجاح أيّ مؤسسة، وبدون كوادر مؤهلة لن تنجح أيّ إصلاحات مهما كانت.

السؤال الثامن عشر: كيف ترون مستقبل القضاء في الضالع خلال السنوات القادمة؟
الجواب: أنا متفائل.. رغم كل الصعوبات، لدينا قضاة أكفاء وملتزمون، ولدينا مجتمع بدأ يزداد وعيًا بأهمية القانون، وإذا استمرت جهود الإصلاح والدعم المؤسسي، فأعتقد أنَّ القضاء في الضالع سيكون نموذجًا على مستوى المحافظات الأخرى خلال السنوات القادمة.
نطمح أن تتحول الضالع إلى بيئة قضائية مستقرة وآمنة تسهم في جذب الاستثمارات، وتعزيز التنمية المحلية والمستدامة.

السؤال التاسع عشر: كلمة أخيرة توجهونها للمواطنين وللقضاة في محافظة الضالع؟
الجواب: أقول للمواطنين: ثقوا بقضائكم، وابتعدوا عن أساليب الفوضى، فالعدالة هي الطريق الوحيد للأمن والاستقرار.
وأقول لزملائي القضاة: مسؤوليتنا عظيمة، والأمانة التي نحملها أمام الله والناس والتاريخ تفرض علينا أن نؤدي واجبنا بكل إخلاص وتجرد ونزاهة مهما كانت الظروف والصعوبات.

الخاتمة
هكذا أنهينا حوارنا مع فضيلة القاضي علي الحصيني، رئيس محكمة استئناف محافظة الضالع، الذي وضعنا أمام صورة واضحة لواقع القضاء في المحافظة، بإنجازاته وتحدياته ورؤاه المستقبلية.
يظل القضاء عمود الدولة وركيزة الاستقرار، وتبقى الثقة به وتعزيزه مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع.


اكتشاف المزيد من الصحيفة القضائية |

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

لا تعليق

اترك رد