خلال تدشين ورشة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.. الوزير العارضة يؤكد أهمية تعزيز الكفاءة القضائية وتكامل الجهود لمواجهة هذه الظواهر


تقرير – رومانس فقيرة

غسل الأموال هو عملية تهدف إلى إخفاء المصدر غير المشروع للأموال، حيث يتم تحويل الأموال الناتجة عن أنشطة إجرامية مثل الاتجار بالمخدرات أو الفساد إلى أموال تبدو قانونية، تتضمن هذه العملية عدة مراحل، تبدأ بتلقي الأموال غير المشروعة، ثم يتم إدخالها في النظام المالي عبر معاملات معقدة، وأخيرًا تُخرج كأموال نظيفة يمكن استخدامها بحرية.

أما تمويل الإرهاب، فهو عملية توفير الدعم المالي للجماعات أو الأفراد الذين يسعون لتنفيذ أنشطة إرهابية. تشمل هذه الأنشطة جمع الأموال بطرق غير قانونية، مثل الابتزاز أو التبرعات المشبوهة، بهدف دعم الأعمال الإرهابية التي تهدد الأمن والسلم في المجتمع.

تعتبر هاتان الجريمتان من أبرز التحديات التي تواجه الدول حول العالم، حيث تؤديان إلى تقويض سيادة القانون وزيادة الفوضى، مما يستدعي تكاتف الجهود من قبل الجهات القضائية والأمنية لمكافحتهما بفعالية.

التحديات والفرص أمام النظام القضائي في تعزيز الشفافية والمساءلة 

في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها المجتمعات الحديثة نتيجة للجريمة المنظمة، لا سيما تلك المرتبطة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، تبرز أهمية تعزيز قدرات القضاة كخطوة أساسية نحو تحقيق العدالة وحماية الأمن الوطني.

وفي هذا السياق فقد اختتمت بالعاصمة المؤقتة عدن ورشة عمل تدريبية متخصصة للقضاة، والتي أقامتها اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، برئاسة معالي نائب وزير المالية أ.هاني وهاب، حيث تسعى اللجنة إلى تأهيل القضاة والجهات ذات الاختصاص لرفع الوعي وتعزيز الجهود، وإيضاح دور القضاء الهام في مكافحة هذه الجرائم المالية. 

هدفت هذه الورشة، التي شهدت مشاركة 21 قاضياً ومنتسباً للسلطة القضائية، إلى رفع مستوى الوعي وتعزيز المهارات اللازمة لمكافحة غسل الأموال، والتعرف على الأساليب القانونية المتقدمة لمواجهتها، كما تم استضافة خبير دولي بارز، د. نبيل المصري، عبر تقنية الزوم، وذلك لتقديم رؤى معمقة حول المساعدات القانونية وفق المعايير الدولية والتوصيات المتعلقة بالإجراءات المالية.

وقد أشار وزير العدل القاضي بدر العارضة إلى أهمية هذا التدريب، مؤكداً على ضرورة فهم القضاة العميق للعلاقة الوثيقة بين غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وضرورة تكامل الجهود لمواجهة هذه الظواهر، كما ثمن الدور المحوري الذي تقوم به اللجنة الوطنية في تنفيذ البرامج التي تستهدف تعزيز قدرات القضاة والجهات ذات العلاقة.

وكانت هذه الورشة بمثابة منصة حيوية للنقاش وتبادل الخبرات، حيث تم تناول محاور متعددة تتعلق بجريمة غسل الأموال، مما يساهم في تعزيز الفهم العميق للتحديات المعقدة التي يواجهها القضاة في هذا المجال الحيوي.

إن مثل هذه الفعاليات لا تمثل مجرد ورش عمل، بل تعتبر استثماراً حقيقياً في قدرات النظام القضائي، مما يعزز من قدرة الدولة على مواجهة الجرائم المالية وحماية الأمن الوطني. 

في إطار جهودنا لفهم التحديات المتعلقة بقضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أجرينا هذا الاستطلاع لأخذ آراء مجموعة من القضاة والمشاركين في فعاليات اللجنة وتم طرح عدد من الأسئلة العامة، منها مدى معرفتهم بقوانين غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وما إذا كانوا يعتقدون أن لديهم التدريب الكافي للتعامل مع هذه القضايا، كما استفسرنا عن آرائهم حول الحاجة لمزيد من برامج التدريب في هذا المجال، والإجراءات القانونية الحالية التي يرون أنها فعالة في مكافحة هذه الجرائم.

بالإضافة إلى ذلك، تم تناول موضوع الثغرات القانونية المحتملة التي قد تعيق فعالية النظام القضائي في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، كما سألنا القضاة عن كيفية زيادة الوعي العام حول هذه القضايا و أهمية دور القضاء في مكافحتها.

وأخيرًا، تم طرح سؤال حول التوصيات التي يمكن أن تعزز من قدراتهم في مواجهة قضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعتبر هذه الأسئلة جزءًا أساسيًا من جهودنا الرامية إلى تحسين الفهم والتعامل مع هذه الجرائم الخطيرة.

(فعالية الإجراءات القضائية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب)

القاضي الزوقري: أهمية تحديث المعلومات القانونية في مواجهة التحديات العالمية لغسل الأموال

في إطار الاستطلاع الذي أجريناه حول قضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب، قدم القاضي / باسل أحمد زوقري رئيس محكمة الضرائب و الجمارك  م / عدن مجموعة من الآراء والملاحظات القيمة حيث أشار إلى أن معرفته بقوانين غسل الأموال وتمويل الإرهاب تعتبر جيدة، ولكنه أعرب عن حاجته إلى المزيد من التدريب المتخصص لتعزيز قدراته في التعامل مع هذه القضايا المعقدة كما أكد على أهمية البرامج التدريبية المستمرة، مشيراً إلى أن القضاة بحاجة إلى تحديث معلوماتهم حول التغيرات القانونية والتطورات العالمية في هذا المجال. 

كما تناول القاضي زوقري مسألة الثغرات القانونية التي تعيق فعالية النظام القضائي، موضحاً أن هناك حاجة ملحة لتحسين التشريعات الحالية بما يتناسب مع متطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وفيما يخص زيادة الوعي العام، أكد على أهمية دور القضاء في توعية المجتمع حول مخاطر هذه الجرائم وسبل مكافحتها. وأخيراً، أوصى بضرورة إنشاء ورش عمل وندوات متخصصة لتعزيز قدرات القضاة وتبادل الخبرات بين مختلف الجهات المعنية. تعتبر هذه الآراء جزءاً من جهودنا المستمرة لتحسين الفهم والتعامل مع التحديات المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب.

القاضي السيد: للعقبات الإجرائية في تحريك الدعاوى الجزائية أثر على العدالة ومكافحة الفساد.

في إجابته للأسئلة المطروحة، أشار القاضي عبد الله مهدي السيد، عضو شعبة الأموال العامة بمحافظة عدن، إلى أهمية  مواد القانون رقم (1) لعام 2009 والقرار الرئاسي بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم (1) لعام 2010. حيث أكد أن هذه القوانين قد جاءت لتنظيم جريمة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب، وهي تتوافق مع الاتفاقيات الدولية وتعكس التوجهات العالمية المتقدمة في هذا المجال.

ورغم ذلك، أبدى القاضي السيد ملاحظته حول نقص الخبرة لدى قضاة الأموال العامة، وذلك بسبب قلة القضايا المنظورة المتعلقة بهذا النوع من الجرائم. كما أشار إلى غياب برامج التأهيل والتدريب وتبادل الخبرات، سواء داخلياً أو خارجياً، مما يستدعي تدخل الجهات المختصة لتولي هذا الأمر وتعزيز قدرات القضاء في أداء مهامه بشكل فعال.

وفيما يتعلق بالإجراءات القانونية لمكافحة الفساد وغسل الأموال، أشار إلى وجود عقبات إجرائية تعيق تحريك الدعاوى الجزائية ، حيث يتطلب ذلك إذنًا ، مما يؤدي إلى إعاقة العدالة وضياع الأموال العامة. 

كما اعتبر القاضي السيد أن هناك حاجة لمعالجة الإجراءات القانونية من قبل وحدة جمع المعلومات وتفعيل نشاطها، بالإضافة إلى إلزام البنوك بالتعاون مع التوجيهات الصادرة منها وتزويدها بالبيانات اللازمة، ولزيادة الوعي العام بقضايا غسل الأموال، أوصى القاضي بإطلاق برامج إعلامية على التلفزيون والإذاعة، وتنظيم محاضرات من قبل الجهات المختصة، مثل الجهات المالية والقضائية والأمنية، لنشر الوعي المجتمعي والقانوني حول مخاطر جرائم غسل الأموال وتشجيع المجتمع على محاربتها.

القاضي المليكي: الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص مفتاح النجاح في مكافحة غسل الأموال

في هذا السياق، أدلى القاضي عبد العليم مهيوب المليكي قاضي محكمة الأموال بعدن بمداخلته للإجابة، حيث أكد على أهمية تكثيف الجهود في مجالات التدريب وتبادل الخبرات، وأشار إلى ضرورة العمل على تحسين الإطار القانوني والممارسات القضائية لمواجهة هذه التحديات بشكل فعال، كما دعا إلى أهمية الشراكة بين مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك الحكومة، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، لضمان تحقيق نتائج ملموسة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وتطرق القاضي المليكي تعتبر قضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب من التحديات الكبيرة التي تواجه منظومة القضاء في اليمن، حيث أن أول قانونين لمكافحة غسل الأموال كان القانون رقم (35) لسنة 2003م، تلاه القانون المشترك رقم (1) لسنة 2010م الذي يعنى بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتم تعديله بالقانون رقم (17) لسنة 2013م ولائحته التنفيذية. وعلى الرغم من أهمية هذه القوانين، إلا أن واقع القضاء يشير إلى أن غالبية القضاة يفتقرون إلى التدريب المتخصص في هذا المجال.

وأكد القاضي المالكي على ضرورة اتخاذ إجراءات قانونية فعالة، مثل الإبلاغ عن المعاملات المشبوهة، وإجراء التحقيقات اللازمة، وتحديث التشريعات بما يتناسب مع التحديات الجديدة. وأوصى بتعزيز الرقابة على المؤسسات المالية لضمان عدم استخدامها كوسائل لغسل الأموال أو تمويل الأنشطة الإرهابية.

القاضي وهيب فضل: وجود إطار قانوني مرن يتيح للقضاة اتخاذ قرارات بهدف التصدى لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب

من جانبه، أشار القاضي دكتور وهيب فضل علي، ممثل وزارة العدل باللجنة الوطنية لمكافحة غسل الاموال وتمويل الإرهاب، عضو اللجنة إلى أن تعزيز جهود مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يتطلب تضافر الجهود على المستويات المحلية والدولية، فالتعاون الفعّال بين الدول والمؤسسات المعنية يُعتبر عنصرًا أساسيًا في التصدي لهذه الجرائم من خلال تبادل المعلومات والخبرات، يمكن تحقيق نتائج أفضل في تحديد وملاحقة الأنشطة المشبوهة. 

كما أن الاستثمار في تدريب القضاة والكوادر القانونية على أحدث الأساليب والتقنيات في مكافحة غسل الأموال يُعزز من فعالية النظام القضائي ويسهم في تحقيق العدالة.. كما قال “إن وجود إطار قانوني واضح ومرن يتيح للقضاة اتخاذ قرارات مستنيرة يعزز من قدرة النظام القانوني على التصدي للتحديات المرتبطة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب”.

علاوة على ذلك، يجب أن يكون هناك إطار قانوني متين يجمع بين القوانين الوطنية والدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فالتشريعات الواضحة والفعالة تُسهم في تعزيز التعاون بين الدول وتسهيل تبادل المعلومات، مما يساعد في مواجهة هذه الجرائم بشكل شامل.

العويضاني: إن العمل القضائي والإداري يتطلب تنمية قدرات ومدارك القضاة والموظفين  

بدوره قال القائم باعمال مدير عام الشؤون القانونية، فواز العويضاني: “إن جريمتي غسل الأموال وتمويل الإرهاب من أخطر الجرائم التي قد تدمر الدول وهي جرائم حديثة العهد وجدت في بداية القرن الماضي عبر عصابات المافيا الأمريكية وأصبحت تلك الجرائم الان وسيلة لشرعنة الأموال التي تأتي من جرائم متعددة لدعم العمليات الإرهابية التي تدمرالأوطان.

وذكر إن إقامة مثل هذه الورش التدريبية التنشيطية من قبل وزارة العدل وبإشراف وزير العدل القاضي بدر العارضة بالتنسيق مع اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وهي من الورش التنشيطية والتي تنمي معرفة القضاة والموظف العدلي بأركان هذه الجرائم ونطاقها القانوني والاتفاقيات الدولية في هذا الخصوص لذا نأمل تكثيف هذه الورش والندوات والدورات التنشيطية بالتعاون مع المنظمات والجهات ذات الصلة لتنمية قدرات ومدارك القضاة والموظفين العدلي والذي سينعكس لاشك بشكل إيجابي على العمل القضائي والإداري وعلى المجتمع ككل.

وفي الختام يجدر الاشارة إلى الجهود الحثيثة التي تبذلها اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في سبيل تعزيز المعارف العلمية والقانونية لدى مؤسسات الدولة ورجال القانون حول الطرق الكفيلة بمكافحة هذه الظاهرتين. 


اكتشاف المزيد من الصحيفة القضائية |

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

لا تعليق

اترك رد