القاضي العلفي: الإعلان في القضاء إجراء أساسي لحماية الحقوق القانونية
القاضي الجمل: تكمن أهمية الإعلان القضائي كونه من الأساليب القانونية التي تهدف إلى تحقيق العدالة
القاضي جازم: الإعلان القضائي خطوة أساسية لضمان التوازن في الإجراءات القضائية
بدر عقلان: التكنولوجيا الحديثة والأنظمة الرقمية وسيلة فعالة لتجاوز تحديات الإعلان القضائي
القاضي الدكتورة نرجس أحمد: الإعلان القضائي الإلكتروني نقلة نوعية تتطلب تشريعات ودعما تقنياً في اليمن
القضائية – تقرير
الإعلان القضائي هو إجراء قانوني حيوي في الأنظمة القضائية المعاصرة، يُعدُّ من الركائز الأساسية لضمان حقوق الأطراف في جميع أنواع القضايا حيث يشمل هذا الإعلان إبلاغ المعنيين بالأوراق القانونية المتعلقة بالقضية، ويهدف إلى إطلاع الأطراف على الإجراءات المتخذة، والضمانات القانونية لهم في سبيل الوصول إلى العدالة.
في هذا التقرير، نسلط الضوء على دواعي إعلان الأوراق القضائية، وأهمية هذه العملية في حفظ حقوق الأطراف، وضمان سير العدالة بشكل سليم.
مفهوم إعلان الأوراق القضائية
إعلان الأوراق القضائية (الإعلان القضائي) هو عملية إعلام أحد الأطراف في القضية بوجود إجراء قضائي قد تم اتخاذه ضده أو لصالحه، وذلك من خلال الوسائل القانونية المعتمدة.
تتنوع الأوراق القضائية التي يمكن إعلانها لتشمل:
_ الاستدعاءات: مثل الاستدعاء للمثول أمام المحكمة أو تقديم المستندات المطلوبة.
_ الأحكام القضائية: أي قرار صادر من المحكمة بشأن الدعوى.
_ الأوامر القضائية: مثل أوامر القبض، أو التفتيش.
وقد يتم تقسيمها إلى الإعلان الرسمي الذي يتم عبر المحضرين، والإعلان الإداري، والإعلان الإلكتروني، والإعلان الاستثنائي كالنشر أو اللصق عند تعذر التبليغ.

وفي هذا السياق، أوضح القاضي الدكتور نافع عبدالقوي العلفي، عضو محكمة الاستئناف العسكرية الشعبة الثانية قائلًا: “إعلان الأوراق القضائية يقصد أنه الوسيلة القانونية لإعلام الخصوم بمضمون القرارات القضائية ضمانًا لحقوق الدفاع وسريان المواعيد، حيث يعد من أقدم وأهم الإجراءات في المسار القضائي.. هو حق للمتقاضين في أن يتم إعلامهم رسميًا بما يحدث في قضيتهم، إذا لم يتم هذا الإعلان بشكل صحيح، فإن ذلك قد يؤثر بشكل سلبي على سير القضية، ويعرقل تحقيق العدالة؛ لذلك، يجب على الجميع أن يكونوا على دراية بمواعيد وآليات الإعلان، بما في ذلك الإجراءات التي يجب اتخاذها لضمان التبليغ الصحيح”.
وأضاف القاضي العلفي أن الإعلان يتم عادة بواسطة جهات مختصة، مثل محضرين قضائيين أو موظفين تابعين للسلطات القضائية، لضمان تسليم الأوراق للأطراف المعنية بصورة قانونية رسمية أو عبر وسائل الإعلام في حالات الفرار وغيرها.
دواعي أهمية إعلان الأوراق القضائية
إعلان الأوراق القضائية يلعب دورًا أساسيًا في سير الإجراءات القضائية لعدة أسباب:
_ ضمان الحقوق القانونية: يُعدُّ الإعلان أحد الضمانات الأساسية للحق في الدفاع، حيث يتيح للأطراف فرصة معرفة مستجدات القضية، والتمكن من اتخاذ الإجراءات المناسبة.
_ تحقيق العدالة: من خلال التأكد من علم جميع الأطراف بالإجراءات المتخذة، يمكن ضمان تحقيق العدالة بشكل كامل، وتفادي أي شكاوى حول عدم العلم بالتهم أو الإجراءات.
_ حفظ الحقوق: في القضايا التي تتطلب الإشعار بمواعيد مهمة، مثل الطعون أو الاستئنافات، فإن الإعلان الصحيح يساعد في الحفاظ على الحقوق القانونية للأطراف المعنية.
_ الشفافية والمصداقية: يُعدُّ الإعلان ضمانًا لشفافية الإجراءات القضائية، حيث يُعلم الجميع بالتطورات القانونية، ويُسهم في بناء ثقة المواطنين في النظام القضائي.

في السياق، قال القاضي علي الجمل، وكيل نيابة الأموال العامة بمحافظة الضالع: “لا يمكن للعدالة أن تتحقق بشكل كامل إذا كانت هناك فجوات في علم الأطراف بما يجري في قضاياهم.. إعلان الأوراق القضائية يُعدُّ إجراءً أساسيًا لضمان أنه لا أحد يتم تجاهل حقوقه، بل يكون لديه الفرصة للتفاعل مع الإجراءات المتخذة بشكل فعال، فعدم الإعلان يعني بقاء الأطراف في حالة من الجهل بالقضية، مما يُعدُّ انتهاكًا لأبسط حقوق الدفاع”.
وقال القاضي الجمل: “في بعض الحالات، نجد أن تأخير أو إغفال إعلان الأوراق القضائية يمكن أن يؤدي إلى شلل في سير القضية، بل قد يؤدي إلى قبول دعاوى لعدم التبليغ في الوقت المحدد، وهو ما يعطل مبدأ العدالة”.
طرق إعلان الأوراق القضائية
تختلف طرق الإعلان وفقًا لما يحدده القانون المحلي في كل دولة. أبرز هذه الطرق هي:
- التسليم الشخصي إلى المعلن إليه: حيث يتم تسليم الورقة القضائية إلى الشخص المعني شخصيًا عبر المحضر أو صاحب الشأن عند الضرورة (مادة ٣٩ من قانون المرافعات والتنفيذ المدني) أو عبر وزارة الخارجية لإيصال الاعلان بالطرق الدبلوماسية المعلوم إقامته في الخارج.
- الإعلان في الأماكن العامة: مثل الإعلان في الصحف إذا كان لم يعرف موطن المعلن اليه داخل البلد أو خارجه (٤٥ مرافعات) أو الإعلان بالنشر عن هرب المتهم الفار من وجه العدالة في الدعاوى الجزائية والتي أجاز القانون أن تكون بأية طريقة من طرق النشر أن تعذر إحضاره قهرا (المادة ٢٨٥ من قانون الإجراءات) أو على لوحة الاعلانات القضائية في المحاكم إذا لم يعين الخصم موطنه المختار إذا أوجب القانون عليه ذلك أو كان بيانه ناقصا أو غير صحيح م(٤٣ مرافعات).

وفي هذا السياق أكد القاضي عمران جازم، رئيس محكمة الأموال العامة تعز، قائلاً:”في بعض القضايا، قد يكون من الصعب اعلان المدعي عليه شخصيا عبر محضر المحكمة أو صاحب الشأن كالذي لم يعرف له موطن داخل الجمهورية أو خارجها لافتا إلى أنه في هذه الحالة بأنه يتم الإعلان عبر النشر في إحدى الصحف الحكومية اليومية وفقًا للضوابط القانونية المحددة قانونا و التي تكفل للمتهم أو المدعى عليه العلم الفعلي بقضيته”.
وأضاف القاضي عمران جازم: “إن طرق الاعلان في القانون اليمني عبر المحضرين أو النشر بالصحف تقليدية وتعد من أبرز التحديات التي تعوق فعالية وسرعة تقديم خدمة العدالة للمواطن لما تتسم به من تأخير في سرعة الفصل في القضايا وكذا البطء والتعقيد واحيانا عدم الفاعلية كالنشر في الصحف والتي حلت محلها مواقع التواصل الاجتماعي بأنواعها وكذا زيادة الكلفة المالية للإعلان بتلك الطرق، ولذلك ندعو إلى سرعة تعديل قانون المرافعات وقانون الإجراءات الجزائية اليمني والاخذ بوسيلة الاعلان الالكتروني المناسبة.
التحديات والسلبيات في إعلان الأوراق القضائية
على الرغم من أهمية الإعلان، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تؤثر على كفاءته، منها:
_ صعوبة الوصول إلى الأطراف المعنية: في بعض الحالات، قد يكون من الصعب العثور على الشخص المعني بالإعلان، مما يؤدي إلى تأخير في الإجراءات القضائية.
_ الخطأ في التسليم: إذا تم تسليم الأوراق إلى شخص آخر غير المعني أو تم الإعلان بطريقة غير قانونية، فقد يتم الطعن في الإجراءات.
_ التأخير في التبليغ: التأخير في إعلان الأوراق القضائية قد يؤدي إلى مشاكل قانونية، ويعطل سير العدالة، خاصة إذا كانت القضية تتعلق بمواعيد محددة.

وفي هذا الصدد، أضاف بدر القاضي، أمين سر محكمة المضاربة ورأس العارة: “يُعدُّ الإعلان خطوة حيوية، لكن هناك بعض التحديات التي قد تعرقل تطبيقها بشكل مثالي، وأبرز هذه التحديات هو التأخير أو صعوبة الوصول إلى الشخص المعني، لكن مع التكنولوجيا الحديثة وتوسيع استخدام الأنظمة الرقمية، يمكن تقليل هذه المشاكل بشكل كبير”.
وأشار القاضي إلى أهمية تطوير الآليات، فقال: “يجب أن تتبنى المحاكم والمراكز القانونية وسائل جديدة لإتمام الإعلان، مثل النظام الإلكتروني الذي يُتيح للأطراف التحقق من حالة قضاياهم من خلال الإنترنت، ما يقلل من فرص التأخير، ويزيد من كفاءة الإعلان”.
الإعلان القضائي والتطور الإلكتروني
وفي إطار التطور الإلكتروني، باتت المحاكم في عدد من الدول تتجه نحو اعتماد الإعلان القضائي الإلكتروني الذي يُمكّن الأطراف من استلام الإشعارات عبر منصات رقمية رسمية، أو عبر الرسائل النصية، والبريد الإلكتروني الموثق.
ويتيح هذا التطور إمكانية متابعة القضايا والتحقق من مواعيد الجلسات عبر الإنترنت، ما يقلل من فرص التأخير والأخطاء الإجرائية، ويعزز من كفاءة العدالة.

في هذا الجانب، أكدت القاضي الدكتورة نرجس أحمد، أنّ التطورات التقنية والذكاء الاصطناعي أحدثت نقلة نوعية في أنظمة التقاضي الإلكتروني على مستوى العالم، من خلال إتاحة رفع الدعاوى عبر البوابات الإلكترونية للمحاكم، وإرفاق المستندات والتوقيع عليها بشكل آمن ومشفر، فضلًا عن اعتماد الإعلان القضائي الإلكتروني عبر البريد الإلكتروني أو تطبيقات التواصل، وهو ما يختصر الوقت والجهد، ويضمن وصول الإشعارات بموعد الجلسات بدقة، بخلاف الطرق التقليدية التي تتسبب غالبًا في تأجيل القضايا.
وشددت على أن تبني الإعلان القضائي الإلكتروني في اليمن سيحقق عدة مزايا أبرزها الوصول بأسرع وقت إلى المتقاضين، وضمان حماية بيانات الدعاوى من التلاعب أو الضياع، فضلًا عن تسريع الفصل في القضايا وتقليل تراكمها، ودعت إلى سن التشريعات اللازمة، وإنشاء موقع أو تطبيقات رسمية للتقاضي الإلكتروني، وتدريب الكوادر القضائية والإدارية على استخدامه، إلى جانب إطلاق برامج توعوية، وتدريس مادة الذكاء الاصطناعي في المعهد العالي للقضاء، وكليات الحقوق.
خاتمة
إعلان الأوراق القضائية هو من الإجراءات الجوهرية في أي نظام قانوني لضمان الشفافية وتحقيق العدالة، ومن خلاله، يتم إبلاغ الأطراف بالقضايا والإجراءات المتخذة ضدهم أو لصالحهم، مما يوفر لهم الحق في الدفاع، واتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب.
ومع التحديات التي قد ترافق عملية الإعلان، يبقى الأمر ضرورة لا غنى عنها لضمان سير العدالة بشكل صحيح، إلى جانب أهمية الإعلان، وتُعدُّ الرقابة المستمرة على طرق الإعلان وتطويرها عاملًا رئيسًا في تحسين نظام العدالة، وتعزيز الثقة في المؤسسات القضائية.
اكتشاف المزيد من الصحيفة القضائية |
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.


لا تعليق