وزارة العدل تقرُّ تنظيما قانونيا جديدا للزواج المختلط لحماية المرأة وصون الأسرة
نائب وزير العدل: القرار الجديد يضع حدًا للتلاعب بعقود الزواج المختلط ويحفظ حقوق المرأة
رومانس فقيرة – القضائية
في ظل ما يشهده المجتمع اليمني من تحولات اجتماعية وقانونية برز ملف الزواج المختلط بوصفه قضية قانونية واجتماعية شائكة لاسيما فيما يتعلق بالمرأة اليمنية وحقوقها داخل هذا النوع من العلاقات. وفي استجابة مباشرة لهذه التحديات أقرَّ معالي وزير العدل القاضي بدر العارضة آلية تنظيم وتثبيت عقود وموافقات الزواج المختلط ضمن القرار الوزاري رقم (١٨٧) لسنة ٢٠٢٥ استنادًا إلى قرار وزير الداخلية رقم (٢٦٣) لسنة ٢٠٠٥.
ويأتي هذا التوجه الجديد في إطار حرص وزارة العدل على حماية الكيان الأسري اليمني، وتعزيز الحقوق القانونية للمرأة، وضمان عدم التلاعب في هذا النوع من العقود التي غالبًا ما تفتقر للتوثيق الرسمي.
كما أكدت الوزارة أن هذه الخطوة تأتي ضمن رؤية أوسع لإصلاح المنظومة العدلية، وضمان العدالة الاجتماعية للأسرة اليمنية.. وقد وجَّه الوزير أيضًا بإحالة ملفات موظفين متهمين بمخالفات في المحاكم ومكاتب التوثيق إلى الجهات المختصة، في دلالة واضحة على رغبة الوزارة بتطهير السلك العدلي من كل ما يُضعف ثقة الناس في القانون.
ما هو الزواج المختلط؟
يقصد بـالزواج المختلط الارتباط الرسمي بين مواطن/ـة يمني/ـة وطرف أجنبي (غير يمني) ويُعدُّ هذا النوع من الزواج قائمًا في مختلف الشرائح الاجتماعية لكنه في كثير من الأحيان يتم خارج الأطر القانونية، الأمر الذي يعرّض الطرف اليمني خصوصًا المرأة لمخاطر قانونية واجتماعية كبيرة أبرزها ضياع الحقوق، وعدم وجود غطاء رسمي يحمي الطرف الأضعف.
لماذا جاءت الحاجة للتنظيم؟
كثرت في السنوات الأخيرة الشكاوى المتعلقة بحالات زواج مختلط غير موثق، أفضت إلى إشكالات في إثبات النسب، والنفقة، والحقوق الشرعية، بل تسببت أحيانًا في وجود أطفال من دون أوراق رسمية أو جنسية.
وأكدت وزارة العدل أن القرار الجديد يستهدف:
- تعزيز السيادة القانونية على عقود الزواج.
- صون كرامة المرأة اليمنية من الاستغلال.
- ضمان توثيق العقود ومراقبتها رسميًا.
- سد الثغرات القانونية في حالات الزواج غير المشروع أو غير المتكافئ.
كما نصَّتْ التوجيهات الوزارية على ضرورة التنسيق مع الجهات الأمنية ووزارة الداخلية؛ للتأكد من سلامة الوضع القانوني للطرف الأجنبي قبل إتمام أي إجراء رسمي.
ما الإجراءات الجديدة لتوثيق الزواج المختلط؟
بشأن الإجراءات الجديدة لتوثيق الزواج المختلط، أوضح نائب وزير العدل الدكتور سعد محمد سعد أن الوزارة، وحرصًا منها على ضمان الشفافية والنزاهة في معاملات الزواج المختلط، قد باشرت بتطبيق الإجراءات الجديدة المنصوص عليها بموجب القرار الوزاري رقم (١٨٧) لسنة ٢٠٢٥م، الصادر عن معالي وزير العدل.
ويأتي هذا القرار في إطار الجهود المبذولة للقضاء على كافة أشكال التلاعب أو التهاون في إبرام عقود الزواج المختلط من خلال اعتماد آلية قانونية محكمة تضمن استيفاء جميع الشروط والمتطلبات اللازمة.

وأكد الدكتور سعد أن الوزارة أصدرت توجيهاتها الصارمة بعدم توثيق أي عقد زواج مختلط إلا بعد التأكد التام من توافر كافة الشروط المنصوص عليها مسبقًا في قرار وزير الداخلية رقم (٢٦٣) لسنة ٢٠٠٥م بما يضمن سلامة الإجراءات، وحماية حقوق جميع الأطراف.
المرأة اليمنية… هي الحلقة الأضعف؟
تشير تقارير صادرة عن منظمات حقوقية إلى أن المرأة اليمنية كثيرًا ما تتحمل عبء الزواج المختلط، خصوصًا عند افتقارها للحماية القانونية أو الجهل بالإجراءات الرسمية.
كثيرًا ما تسجل حالات يتم فيها زواج يمنيات من أجانب بدون عقود رسمية، ثم تنتهي العلاقة بعد أشهر، لتُترَك المرأة بلا حقوق، وغالبًا بأطفال بلا هوية واضحة.
كما يؤكد مختصون أن هذه الثغرة كانت السبب في تفاقم المشاكل الاجتماعية والقانونية المرتبطة بالزواج المختلط.
إطار تنظيمي صارم: محتوى القرار الجديد وملامحه
في قلب القرار الجديد الصادر عن وزارة العدل، تظهر ملامح تنظيمية صارمة لضبط عملية الزواج المختلط، تبدأ من وحدة تنظيمية متخصصة داخل الوزارة، تتولى استقبال الملفات القادمة من وزارة الداخلية، وتمريرها عبر سلسلة من المراجعات الدقيقة تشمل خدمات الجمهور، والإدارة المختصة، ووكيل القطاع، حتى تُعرَض على الوزير لاعتمادها أو رفضها بناءً على دراسات موثقة.
ويشترط القرار تقديم وثائق شاملة بحسب كل حالة، ففي حال زواج أجنبي من امرأة يمنية، يُلزَم الطرف الأجنبي بتقديم ما يثبت ديانته الإسلامية، وإقامته القانونية، وخلوه من الأمراض، وحسن سلوكه، وعدم ارتباطه بزواج آخر، وقدرته المالية، مع موافقة بلده الأم.
أما المرأة اليمنية، فيشترط تقديم موافقة ولي أمرها، وبطاقة هويتها، وشهادة ميلادها، وفي المقابل يُطلَب من المواطن اليمني الراغب بالزواج من أجنبية تقديم إثباتات عن وضعه القانوني والمالي، كما يُطلَب من المرأة الأجنبية شهادات صحية وأمنية، وموافقة بلدها وأهلها.
كما يحظر القرار تمامًا على الأمناء الشرعيين تحرير أي عقد زواج مختلط، ويمنح هذا الاختصاص حصريًا لأقلام التوثيق في المحاكم، ويشدد على أن أي إخلال بذلك يُعدُّ مخالفة إدارية جسيمة.
والأهم من ذلك، هو إنشاء مكتب خاص داخل وزارة العدل، يكون مختصًّا بتوثيق عقود الزواج المختلط وتعميدها، بوصفها خطوة حاسمة لضمان عدم تمرير أي عقد لا يستوفي الشروط القانونية.
مدخل مهني: آراء المختصين تؤكد أهمية التنظيم القانوني
في سياق إعداد هذا التقرير، برزت أهمية الرجوع إلى آراء مختصين قانونيين واجتماعيين، أكدوا أن القرار الجديد يشكّل تحولًا نوعيًا في طريقة التعامل مع الزواج المختلط الذي ظل طويلًا بلا مرجعية واضحة.
ويرى المختصُّون أن غياب الإطار القانوني المنظِّم كان سببًا في تفاقم قضايا الزواج غير الموثق، مما أدى إلى نزاعات قانونية واجتماعية متشعبة، أبرزها مشاكل النسب، والنفقة، والإقامة القانونية.
وأكدوا أن الزواج المختلط يمكن أن ينجح في حال توافرت له الضمانات القانونية والوعي المجتمعي الكافي، مشددين على أهمية إنشاء مراكز استشارات قانونية مجانية، ورفع مستوى التثقيف القانوني لدى المقبلين على الزواج من جنسيات مختلفة.
نحو زواج قانوني عادل وآمن
في الختام يُعدُّ الزواج المختلط خيارًا شخصيًا لكنه يتحول إلى مسؤولية قانونية واجتماعية كبيرة حين لا يحاط بالضمانات اللازمة، ومن هنا فإن تنظيم هذا النوع من الزواج لا ينتقص من الحريات الشخصية، بل يعززها ضمن إطار يحترم كرامة الإنسان، ويصون الأسرة من الاستغلال أو التلاعب.
وإذ ترحب الأوساط القانونية والاجتماعية بالقرار الجديد، فإن الأمل معقود على استمرارية هذه الجهود، ورفع مستوى الوعي المجتمعي، وصولًا إلى مجتمع تحكمه القوانين، وتُحمَى فيه المرأة اليمنية من كل أشكال التهميش.
اكتشاف المزيد من الصحيفة القضائية |
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.


لا تعليق